أما قول الصحابة: سمعنا وأطعنا، فإن الطاعة غير السمع؛ لأن الشخص قد يسمع ولا يطيع، فقد يسمع الأمر يوجه إليه ولكنه لا ينفذه فلا يكون في هذه الحالة مطيعاً للأمر، فالسمع هنا بمعنى الإجابة، ولذلك أنت تقول في صلاتك: سمع الله لمن حمده، والمعنى: أجاب الله لحمد من حمده، واستجاب دعاءه، أي: كأنك تقول: إني أحمد الله عز وجل فاستجب لي وتقبل دعائي، فأجاب الله دعاء من حمده، ولذلك قال:{سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}[البقرة:٢٨٥]، زيادة للتأكيد أن السمع يعني إجابة الدعاء فقال:{سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا}[البقرة:٢٨٥] أي: نطلب مغفرتك، وعفوك، وصفحك، ولذلك أهل العلم يقولون: إن التائب من المعاصي لابد له من ثلاثة أمور: الأمر الأول: أن يغفر الله تبارك وتعالى له ما تقدم من ذنبه.
الأمر الثاني: أن يعينه في الحال على طاعته.
الأمر الثالث: أن يعصمه في المستقبل من أن يقع في معصيته.
وهذا في قول الله عز وجل مخبراً عن صحابة النبي عليه الصلاة والسلام:{وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا}[البقرة:٢٨٥] ثم قالوا: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة:٢٨٥] أي: وإليك المرجع والمآب، وهذه عقيدة قررها الصحابة رضي الله عنهم، وهي اعترافهم وإيمانهم بالبعث والنشور.