[اجتماع قوى الشر على المسلمين وسعي اليهود والنصارى في نزع الدين من قلوبهم]
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
يعجب كثير من المسلمين، بل يعجب المسلمون أجمعون من اجتماع قوى الشر على بعض إخواننا العزل في بقعة من بقاع الأرض، وليس هذا بعجيب لمن اطلع في كتاب الله عز وجل، وكانت له عناية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة وأن الله تعالى بين أن اليهود والنصارى لا يرضون أبداً عن المسلمين، إلا إذا تركوا دينهم وارتدوا عنه، ودخلوا في الكفر البواح، قال الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠] أي: حتى تكفر بالله العظيم، وتترك دينك بالكلية، وتدخل في الكفر البواح معهم في اليهودية أو النصرانية أو المجوسية أو الشركية، أو عبادة الأصنام.
فقوله: ((وَلَنْ تَرْضَى)) نفي للحاضر والمستقبل.
و (حتى) تفيد الغاية، يعني: غاية اليهود والنصارى أن نترك ديننا، وأن ندخل في دينهم.
واليهود عندهم غرور، فهم لا يتمنون أن ندخل في اليهودية، وإنما يحرصون كل الحرص أن نترك ديننا إلى أي دين آخر، وإلى أي ملة من ملل الكفر الأخرى، فهم لا يريدون منا أن ندخل في اليهودية، لكن في المقابل لا نبقى على إيماننا ولا إسلامنا، {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [البقرة:١٢٠] فإذا كان هذا الخطاب موجهاً بالدرجة الأولى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فما بالكم ببقية الأمة؟! إن اليهود والنصارى تفرقوا في كل مكان على وجه الأرض، فلو نظرت في خريطة العالم الإسلامي لوجدت أن لليهود والنصارى ثقلاً ووجوداً في كل مكان، إلا في أرض القوقاز أرض أفغانستان وما حولها من مدن، فكان لابد أن يكون لهم هناك موقع ومكان وقواعد عسكرية، ولذلك دبر شارون مع أمريكا تلك الحادثة التي حدثت في الحادي عشر من سبتمبر؛ لأجل أن يتخذوا ذلك تهيئة لوجودهم في أرض أفغانستان، والقضاء على هذه الفئة المؤمنة التي رفعت راية الجهاد في بقعة من بقاع الأرض.
كما أنها دبرت من قبل الوقيعة بين العراق وبين الكويت؛ لأجل دخول الدول العربية، حتى يكون لأمريكا وقوى الشر أجمع مكان في أرض العرب، وقد نجحوا في ذلك مع غباء وحماقة المسلمين أجمع، وبالذات في أرض الجزيرة العربية، فالآن اليهود والنصارى موجودون في جزيرة العرب، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى أن يجتمع في جزيرة العرب أهل ملتين، والآن قد اجتمعت كل الملل في جزيرة العرب، كأنها علامة وأمارة من علامات الساعة، قال الله عز وجل: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة:١٠٥].
وقال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} [البقرة:١٠٩] أي: يودون من قلوبهم لو أنهم يسيطرون عليكم، ويخرجونكم من دينكم بالكلية، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:١٠٩]، فكل ملل الكفر تعلم يقيناً أننا على الحق، وأننا أتباع الرسالة الحقة، وأننا أهل الوحي، ولكنهم حسدونا على ذلك، {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْ