للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوسائل الشرعية للتعامل مع نشوز المرأة]

النشوز في اللغة: الارتفاع، كما تقول: أرض ناشز، أي: مرتفعة، والنشوز في الاصطلاح سواء كان في حق الرجل أو المرأة؛ لأن النشوز في حقهما ثابت: هو أن تخرج المرأة من الطاعة، وتدخل في المعصية، وترك الأمر والوقوع في النهي، وكذلك الرجل، فإذا وقع هذا من المرأة أليس القائم على أمرها هو أحق الناس بردها إلى ما كانت عليه قبل النشوز؟ لكن

السؤال

كيف يربيها؟ بطلاقها؟ لا، بلطمها؟ لا، بهجرها؟ لا، هناك وسائل: الوسيلة الأولى: يبدأ بوعظها، يذكرها بالجنة والنار، يذكرها بحال العصاة من الأمم الغابرة، وممن ساءت خاتمته من أمة الإسلام بسبب معصيته واقترافه الذنب، وغير ذلك مما يمكن أن يوجع قلبها، ويردها إلى رشدها، يذكرها باللعنة النازلة عليها من الله ورسوله والمؤمنين وملائكة الله عز وجل، ويذكرها بحقه عليها، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)، يذكرها ويعظها في نفسها موعظة بليغة، وهذه الموعظة ربما استغرقت لحظات أو ساعات أو أياماً أو أسابيع أو أشهراً أو حتى أعواماً؛ لأن الموعظة لا تعمل عملها في القلوب على نسق واحد، فالذي يجزئ مع هذا لا يجزئ مع ذاك، وربما الذي يجزئ مع هذا في لحظة ينتفع به الآخر في لحظات.

الوسيلة الثانية: إذا بلغ الأمر في الوعظ ذروته ولم يجدِ انتقل الزوج إلى مرحلة أخرى، وهي مرحلة الهجر، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام بين كيفية الهجر؟ ومتى يكون؟ لا يكون الهجر قبل الوعظ، إنما الوعظ أولاً، وهذا على الترتيب في كتاب الله وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام، كما في حديث معاوية بن حيدة أنه قال: (ولا تهجر إلا في البيت) لا تخرجها من بيتها، ولا تخرج هي كذلك، وأنت لا تخرج، إنما تنام معها في نفس الفراش وفي نفس المخدع وولها ظهرك، يقول ابن عباس: الهجر أن يكلمها، يعني: لا يخاصمها، لكن لا يجامعها، ويقول الحسن وغيره: الهجر أن ينام معها في فراش واحد يوليها ظهره.

وهذا أشد عليها، لو أنه ترك الفراش بالكلية لهان عليها، لكنه لو نام معها في سرير واحد وأعطاها ظهره لم يستجب لملاطفتها ومداعبتها مع نشوزها؛ لكان هذا من أقسى وأشد الأمور على نفسها.

الوسيلة الثالثة: هب أن كل هذا لم يجد معها، نغير وسيلة أخرى، وينتقل إلى الوسيلة الثالثة وهي الضرب، {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:٣٤]، المرأة التي لا ينفع معها الوعظ، واللوم، والتوبيخ، والهجر ربما ينفع معها الضرب، وكثير من النساء -إن لم يكن كلهن- تحب أن يضرب الرجل، انظروا إلى العجيب في نفسية النساء، المرأة تحب أن تكون تحت رجله بمعنى الكلمة، أما الرجل الناعم فهو لا يعجب المرأة وإن أحسن إليها أيما إحسان، لكن المرأة إذا علمت من زوجها أنه يتدرج معها بتدرج الله له، وأنه لابد أن يصل في يوم من الأيام إلى الضرب فهذا أمر يجعلها تستجيب له.

والضرب يكون بشيء معقول، مثل السواك، والسواك يطلق على شجرة الأراك كلها، فبإمكانك أن تأخذ جذعاً من شجرة الأراك وتضرب به، لكن بشرط: ألا تشج رأساً، وألا تكسر عظماً، كما جاء عند أبي داود بسند صحيح، لما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الضرب كيف هو؟ قال: (ألا تشج رأساً، ولا تكسر عظماً)؛ ولابد أن تعلم أن الإسلام ما أباح للرجال الضرب إلا بنية التأديب، لا بنية الانتقام والتشفي، ولذلك قال الله: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء:٣٤]، ما دام أنها رجعت وتابت وأنابت لابد أن ترفع يدك عنها، هذه الوسيلة الثالثة.

الوسيلة الرابعة: إذا وجدت المرأة نفسها شريكة لك في حياتك استقامت، وتكلفت الود، وتكلفت الملاطفة، والقيام بواجباتها وزيادة، ولذلك يدعو كثير من الناس الآن إلى تعدد الزوجات، وأنا لا أدعو لتعدد الزوجات ولكني لا أفتح الباب على مصراعيه حتى يصير علامة علي وعلى دعوتي، وأنتم تعملون أن طوائف كثيرة من المسلمين اهتموا بجانب واحد من جوانب الإسلام، وعيب عليهم أن يقفوا في الإسلام كله عند جانب واحد، كمن يقف على جانب واحد وهو السياسة، ومن يقف على جانب واحد وهو الجهاد، ومن يقف على جانب واحد وهو العلم، ومن يقف على جانب واحد وهو تعدد الزوجات، وقضيته في قومته ونومته تعدد الزوجات.

فنجد من يؤلف لنا كتباً: تعدد الزوجات واجب، فيرد عليه الآخر في كتب: بل تعدد الزوجات مباح، أما الآخر فيقول: التوسط هو استحباب تعدد الزوجات، حتى صار أمراً يشغل العقول الدعوية على مستوى الساحة، وهذا خبط عشوائي لأناس لا رسالة لهم، ولا يستغلون الوقت استغلالاً جيداً، والوقت مع ضيقه إلا أنه مباح لمن أراد أن يتكلم ولمن كان عنده علم أن يتكلم به ويعلم شباب الصحوة دينهم وأحكام شرعهم، أما في كل مجلس، وفي كل درس، وفي كل قومة ونومة لا يتكلمون إلا عن تعدد الزوجات، وكأن دينهم وشرع ربهم هو تعدد الزو

<<  <  ج: ص:  >  >>