فالمحبة اتباع واقتداء، والمحبة اعتصام بالكتاب والسنة، ولذلك جاء في الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:(وعظنا رسول الله عليه الصلاة والسلام موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا.
قال: أوصيكم بتقوى الله)، وهذه هي الوصية التي أوصى بها الله جميع أنبيائه، ورسله، وعباده الصالحين، كما أوصى الأنبياء والرسل أقوامهم كذلك، فإن خير ما يتقرب به العبد إلى ربه أن يكون متقياً له عز وجل، والتقوى لا يمكن أن تتحقق لديك إلا إذا عرفت من تتقي، وإلا فكيف يعرف بالله من لا يعرفه؟ وكيف يدل على الله أبعد الناس عنه؟ فلابد أن تعرف أولاً من تتقي، وماذا تتقي، ولذا قال عليه الصلاة والسلام:(أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً)، فسيرى فتناً مظلمة بعضها يأتي خلف بعض، وبعضها في إثر بعض، وهذا الذي نعيشه الآن، وما المخرج من هذه الفتن؟ قال:(فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) يعني: صاحبها في النار.
هذا الحديث حديث عظيم جداً يحتاج إلى محاضرات لشرحه وبيانه، فالنبي عليه الصلاة والسلام، قد أوصى أصحابه، وأوصى أمته، أن يمتثلوا وأن يقوموا بواجب السمع الطاعة -بعد تقوى الله عز وجل- لمن تأمر عليهم مادام موحداً، وما دام يأمرهم بالطاعة، وينهاهم عن المعصية، ويحافظ عليهم وعلى دينهم، ويذب عن هذا الدين بالليل والنهار، فإنه قد وجب له في هذه الحالة السمع والطاعة على رقاب العباد جميعاً، قال:(وإن تأمر عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي)، هذا العلاج، بين لك الداء وأنك ترى فتناً، ثم بين لك العلاج، وهذا العلاج من شقين: حث وأمر، ثم تحذير ونهي، حث وأمر باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وأمرك أن تتمسك بها وأن تعض عليها بالنواجذ، ثم حذرك ونهاك أن تكون مبتدعاً في دين الله عز وجل، وأن تقترح نوعاً من أنواع العبادة، ثم توهم الخلق أن هذا تشريع الله عز وجل يتقربون به إلى مولاهم حتى الموت وليس كذلك.
ولابد للمرء أن يعبد الله تبارك وتعالى بما شرع؛ لأن الله تبارك وتعالى شرع لنا من الدين ما وصى به جميع الأنبياء والمرسلين، وهو أن يعبد الله بما شرع، وألا يتفرق الناس في دينهم، فهنا لابد وأن نعلم أن العلاج والمخرج من الفتن هو التمسك بالكتاب والسنة.