الآية الحادية عشرة: قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر:١]، والنزول لا يكون إلا من فوق إلى أسفل، وقوله تعالى:{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الحديد:٣]، فقوله:(الظاهر) ظاهر في إثبات العلو لله عز وجل، فالظاهر في اللغة: هو العالي، وهي صفة ربنا الذي يعلو المخلوقات كلها، وليس فوقه شيء، فالظهور هو العلو، ومن ذلك قوله تبارك وتعالى عن يأجوج ومأجوج، الذين أرادوا أن يخرجوا بعد أن جعل ذو القرنين بينهم وبين هؤلاء سداً فقال سبحانه:{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ}[الكهف:٩٧]، أي: فما استطاعوا أن يعلوه، فالظهور بمعنى العلو.
والعمدة في تفسير هذه الآية هو قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يثني على الله عز وجل حيث قال:(أنت الأول ليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء،)، ومعنى ذلك أنه هو الذي فسر (الظاهر) بمعنى العلو، ثم قال:(وأنت الباطن فليس دونك شيء)، والباطن هو القريب، والقرب هنا أن الله تعالى هو الذي علم ببواطن الأمور، (اقض عني الدين وأغنني من الفقر)، أما وجوب الأخذ بالظاهر خاصة في كتاب الله عز وجل، فإنما ذلك كان ديدن السلف عليهم رحمة الله.