المال لا يذم لذاته، بل ينبغي أن يمدح؛ لأنه باب يوصل إلى مصالح الدين والدنيا، وإذا كان هكذا فلا شك أنه ممدوح، وقد سماه الله تبارك وتعالى: خيراً في قوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}[العاديات:٨].
وقال كثير من المفسرين: الخير هنا المال أو الخيل.
والخيل عند العرب مال.
وكان العرب يقولون: ليس المال ما جمع، إنما المال ما نفع.
فليس المال هو الذي يجمعه صاحبه، وإنما هو الذي ينفع صاحبه بين يدي الله عز وجل، وقال الله عز وجل:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}[النساء:٥].
وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: لا خير فيمن لا يجيد أن يجمع المال من حله، يكف به وجهه عن الناس -يعني: عن السؤال- ويصل به رحمه، ويعطي منه حقه.
وقال أبو إسحاق السبيعي: كانوا يرون السعة عوناً على الدين.
أي: كانوا يرون كثرة المال عوناً على الدين.
فلو كان المال في يد أمينة واعية تحرص على طاعة الله ومرضاته فلا شك أن هذا المال سيكون لها سعة في الدين، ومنفعة بين يدي الرب تبارك وتعالى.
وقال سفيان: المال في زماننا هذا هو سلاح المؤمن.
وخلاصة الأمر أن المال حية، فيها سم وترياق، فترياقه فوائده وغوائله هي سمه، فمن عرف فوائده وغوائله أمكنه أن يتحرز من شره وينال من خيره.
فمن عرف قيمة المال وفوائده ونفعه فلا شك أنه خير عظيم له، يعود نفعه عليه في الدنيا والآخرة.
ومن نكث ولم يعرف فائدة المال من غوائله وشره فلا بد أن يقع في الشر.