ومن علامات أهل البدع والأهواء كذلك: الإغراق في الجزئيات، والتغافل عن الكليات، والانشغال بها، وصرف الوقت في تحصيلها، ويجعلون من مسألة ما دينه كله الذي يشغل حياته، فيدخل فيما لا يعنيه، فالدخول فيما لا يعني من سمات وملامح أهل الأهواء، فلو أن عالماً قد اختلف مع عالم آخر لوجدت أن طلاب العلم الصغار الذين لا يلزمهم الخوض في هذه القضية ينشغلون أشد الانشغال، ويسيرون بهذه المسألة يمنة ويسرة، ويطيحون بها في كل واد، ويرتفعون بها على قمم الجبال، فيسألون: الحق مع من؟ ما القول الفصل في هذه القضية؟ ويظل يسأل، ثم يسمع الجواب، ويسأل ثانية، ويسمع الجواب، وعاشرة ومائة وألفاً، هل أنت مكلف بهذا؟! أنت مكلف أن تبحث عن دينك، أنت مكلف أن تتعلم أصول اعتقادك، وأصول الشرائع من صيام وصلاة وزكاة وحج وغير ذلك، أنت قد أفنيت عمرك في البحث عن مسألة واحدة، هل هذا منهج سلفي يا من تدعي أنك سلفي؟! وإن كان الكبار يلامون على ذلك أيضاً، ولكن الصغار أشد لوماً؛ لأنهم قد صرفوا حياتهم، وبذلوا أوقاتهم في البحث عن مسألة واحدة، وربما تكون هذه المسألة من جزئيات الجزئيات التي لو تركتها لا تلام بين يدي الله عز وجل.
الكثير من الشباب يشغل نفسه بالفتن الواقعة على الساحة، أنت لست مطالباً بهذا يا أخي، فإن كلام الأقران يطوى ولا يروى، ولا عبرة بقول كل واحد منهما في الآخر، وإنما العبرة في بحثك أنت عن الحق، فابحث عنه عندما تثق به مرة واحدة ويكفيك، وتعذر بهذا أمام الله عز وجل.
أما إغراق الوقت واستيعابه في البحث عن جزئية؛ فهذا من الأمور العصرية المنكرة، بل والمنكرة جداً، فاتقوا الله تبارك وتعالى أيها الشباب.