للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤]، قال اللَّه عز وجل: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: ٢٤]، فأعلمنا تبارك وتعالى أن جحدهم بالآخرة إنما هو ظن يظنونه.

وقال عز وجل في قصة يوسف عليه السلام: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: ٨٠]، ويأسهم ليس بيقين.

وكان عمر رضي اللَّه عنه يقول في خطبته: أيها الناس، إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى، وإن المرء إذا يئس من شيء استغنى عنه (١).

فجعل عمر رحمه اللَّه اليأس بإزاء الطمع.

وقال إسماعيل: سمعت أحمد بن المُعَذّل ينشد شعر الرجل من القدماء يصف ناقة فقال:

صفراء من تَلْدِ بني العباسِ ... ضَرْبُها كالظبي في الكِناسِ

فالنفس بين طمَع وإِياس (٢)

فجعل الشاعر اليأس بإزاء الطمع.

فرجعنا إلى قوله عز وجل: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}، فذكر اليأس مع الريبة.

ثم جاء عن عمر بن الخطاب رحمه اللَّه، لفظ موافق للقرآن وحُكم موافق، قال: أيما امرأة طُلِّقت فحاضت حيضة أو حيضتين، ثم رَفَعَتْها حيضتها لا تدري لم رَفَعَتْها، فإنها تنتظر تسعة أشهر، ثم تَعْتَدّ بثلاثة أشهر (٣).

فلما كانت لا تدري ما رَفَعَتْها، كان موضع الارتياب، فحكم فيها بهذا الحكم.


(١) رواه أبو نعيم في الحلية (١/ ٥٠).
(٢) كذا في الأصل، والوزن مختل يستقيم بقوله: وَياس.
(٣) تقدم تخريجه قريبًا (٢/ ٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>