للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عز مِن قائل: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فلو كانت النفقة تجب كما تجب السكنى، لما كان للاختصاص معنى، ووجب بهذا الاختصاص أنها ليست التي يملك زوجُها رَجْعَتها، لأن التي يملك زوجها رَجْعَتَها نفقَتُها واجبة كانت حاملًا أو غير حامل، فكيف يقال فيها: وإن كانت حاملًا فأنفق عليها؟ ولو كان كذلك لخلا الأمر من الفائدة، ومعاذ اللَّه من ذلك، وأن يكون في القرآن لفظة لا فائدةَ فيها، وهذا ما لا يذهب على ذي فهم، وإنما ذهب كل فريق إلى رواية لم يتأملوها، ولا وهاءَها ووهاءَ ما ذهبوا إليه.

فأما الذين ذهبوا إلى أن السكنى والنفقة واجبة، فاتبعوا رواية عن عمر رضي اللَّه عنه أنه قال: لا ندع كتاب ربِّنا تبارك وتعالى، وسُنّة نبينا صلى اللَّه عليه، لقول امرأة، لها السكنى والنفقة (١).

ونحن نعلم أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه لا يقول: لا ندع كتاب ربِّنا تبارك وتعالى إلا لما هو موجود في كتاب ربِّنا تعالى اسمه، والذي وجدنا في كتاب ربِّنا جل وعَزّ النفقةُ لذوات الأحمال، وزاد الراوي من أهل الكوفة: "وسُنّة نبينا صلى اللَّه عليه" النفقة في الحديث، وذلك أن الشعبي قال فيه: إن فاطمة بنت قيس طلقها زوجُها طلاقًا بائنًا فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا نفقة لك ولا سكنى".

قال حماد بن أبي سليمان: فأخبَرت بذلك النخعي فقال: إن عمر أُخبر بذلك فقال: لسنا بتاركي آية من كتاب اللَّه عز وجل وقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لها


= وهو قول الكوفيين، والآخر: أن لها السكنى ولا نفقة لها، وهو قول مالك والشافعي وأكثر أهل الحجاز، والثالث: أنها لا سكنى لها ولا نفقة، وهو قول أحمد وطائفة".
(١) رواه مسلم في صحيحه برقم ١٤٨٠، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها (ط ع الباقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>