للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أحل اللَّه لك؟ ! فقال: "لا تخبري أحدًا، فواللَّه لا أَمُر بها"، قال: فحدثني عمر أن حفصة لم تَقَرّ حتى أخبرت عائشة، فتظاهرتا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).

وقال مسروق: إنما كَفّر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للإيلاء ولم يكفِّر للحرام، وقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آلى وحَرَّم (٢)، يريد: حلف وحَرَّمَ، فقيل له: أما الحرام فحلال، وأما اليمين فقد فرض اللَّه لكم تَحِلَّة أيمانكم.

ذكر بعضهم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حرَّم جارية له.

وقال بعضهم: حرَّم شرابًا.

والحكم في ذلك واحد، لأن الأَمَة لا يكون فيها طلاق ولا تُحَرَّم، كما لا يُحَرَّم الشراب، ولعل القصتين جميعًا قد كانتا، إلا أن أمر الجارية أشبه لقوله سبحانه: {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}، ولقوله عز من قائل: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}، فكان ذلك في الأَمة أشبه، لأن الرجل يغشى أَمَتَه في سِتر، ولا يشرب العسل في ستر، ولأن تحريم الأمة فيه مرضاة لهن.

وقال بعضهم: حرَّم فأُمر بالكفارة.

وقال بعضهم: حرم وحلف، فقد يمكن أن يكون حرَّمها بيمين باللَّه، ويمكن أن يكون حرَّمها وحلف.

وقال همام بن الحارث: إن ابن مُقَرِّن سأل ابنَ مسعود قال: إني حلَفت ألا أنام على فراشي سنة، فتلا عبد اللَّه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا [طَيِّبَاتِ] (٣) مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: ٨٧]، كفِّر عن يمينك، ونم على فراشك (٤).


(١) نفسه.
(٢) رواه ابن جرير في تفسيره (١٢/ ١٤٧).
(٣) سقطت من الأصل.
(٤) رواه الطبراني في معجمه الكبير برقم ٩٦٩٣، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٢٧٤): رواه الطبراني بأسانيد، ورجال هذا وغيره رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>