للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قال الرجل لامرأته: أنتِ عليَّ حرام فلم يحلِف، وإنما أوجب (١) على نفسه شيئًا، وإذا قال لأَمته: أنت علي حرام ولم يحلف، والحلال لا ينتقل حرامًا بتحريم من أُحِلّ له، ولم يجعل اللَّه تحريمه من الباب الذي تحرم به الحرة، لأن الحرة تَحْرُم بالتحريم، قال اللَّه عز وجل: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠]، وما لا يحِل فهو الحرام، والأَمة لا تَحرُم إلا بالعِتق، فلما نهى اللَّه تبارك وتعالى عن تحريم ما أحل اللَّه، وسمَّى المُحرِّم معتديًا، رد عَداه على نفسه، ولم يُحرِّم ما أحل اللَّه، إلا أن يكون إنسانًا عَلم بُغية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في التحريم، إذ في التعريض مَنْدوحَة، فيقول في الأَمَة: هي علي حرام يُرضي زوجته، وهو يَعلم أنها لا تَحرم، ألا ترى أن عائشة وحفصة رضي اللَّه عنهما قالتا: كيف تحرم وهي أمة؟

وروي عن ابن عباس: أنه حلف عند هذا القول منهما، وهو أولى بأن يعلم ما عَلِمناه، فلما قالتا ذلك قال: واللَّه لا وطِئتُها، فأنزل اللَّه عز وجل: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}، إلى قوله سبحانه: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، فأُمر بالكفارة عن يمينه، وعُرِّف أن التحريم لا يقع فيما أحل اللَّه تبارك وتعالى، ليُعلمه سائر الناس فيعلمونه، والقائل الآن لأمته: أنت حرام، [لا] (٢) يدخل في باب الإيجابات.

٦٦ - حدثنا أشياخنا أحمد بن موسى وجماعة، عن عمرو بن مرزوق، عن مالك بن أنس، عن طلحة بن عبد الملك، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي اللَّه عنها، قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من نذر أن يطيع اللَّه فليطعه، ومن نذر أن يعصي اللَّه، فلا يعصه" (٣).


(١) في الأصل: أوجبه.
(٢) ساقطة من الأصل، وبها يستقيم المعنى.
(٣) رواه مالك في الموطأ برواية أبي مصعب برقم ٢٢١٦، والحديث ليس في رواية يحيى ما نص عليه ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٨٩)، وإن أثبت في نشرة ع الباقي وغيرها، =

<<  <  ج: ص:  >  >>