للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن حرَّم أَمته لم يلزمه شيء، لأنه أوجب ما لا رضى للَّه فيه، واللَّه أعلم.

وقد زعم قوم أن التحريم يمين (١)، وأن من حرَّم امرأته فعليه كفارة، تشبيهًا عندهم بالأَمة، فسلكوا مسلكًا وَعْرًا، ووضعوا الأمر في غير موضعه، قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: ٣]، يريد ما حَلّ لكم من النساء، وقال لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: ٥٠]، ثم جعل اللَّه تبارك وتعالى للرجل يريد أن يُحرم امرأته فقال عز مِن قائل: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء: ٢٠]، وقال سبحانه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، فالتحليل عقد النكاح، والتحريم الخُلع والمبارأة، وغير ذلك مما قد أُجْمِع على أنه يُحرِّم ما استحله بالعقد، فجُعلت هذه الأشياء أسماء للتحريم، والتحريم هو القصد بالأسماء وما ينضاف إليها، فإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام، فقد أتى بأقصى الأشياء، وهو ما الأسماء تقتضيه.

ألا ترى اللَّه عز وجل قال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}، ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني الثالثة: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، وما لا يحِل فهو المحَرّم، فإذا قال: أنت عليّ حرام، فقد جعلها التي لا تحل له، فكيف يجوز أن ينقل ما جعله اللَّه لا يحِل إلا بعد زوج، إلى التحليل بإطعام عشَرة مساكين، هذا ما يستحيل في العقل.

قال علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت: الحرام ثلاث.

وقاله السّبعةُ فقهاءُ المدينة وغيرهم.

وهو قول مالك بن أنس رضي اللَّه عنه (٢).


= ولم يثبته شيخنا الدكتور بشار عواد معروف في نشرته، ورواه البخاري أيضًا في صحيحه برقم ٦٦٩٦، كتاب: الأيمان والنذور باب: النذور في الطاعة.
(١) عزا هذا القولَ ابن عبد البر في الاستذكار (٦/ ١٨) إلى جماعة من التابعين وغيرهم.
(٢) انظر الموطأ برقم ١٥٨٦، كتاب: الطلاق، ما جاء في الخلية والبرية، والاستذكار (٦/ ١٦ - ١٧)، وقد فصل في نقل مذاهب العلماء في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>