للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: فيها ضعف وفتور، فإذا كانت المُرضِع قويةً على الصيام، وإنما تخاف إن صامت أن ينقطع دَرُّها ويَضُرَّ ذلك بولدها، تُفطِر وتُطعِم، وتقضي إذا كانت تقوى على الصوم، وإنما أفطرت من أجل ولدها.

والحامل لا إطعام عليها، لأنه مرض من الأمراض، إلا أن تكون قوية على الصوم، وإنما تخاف على ولدها، وإفطارها من أجل غيرها، فهذه تقضي وتُطعم.

وأحسب مالكًا ذهب إلى الإطعام في هذا الموضع إلى قوله سبحانه وتعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، وذهب في القضاء إلى {فَعِدَّةٌ (١) مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٢)، ولم يختلف في أن هذه الآية غير منسوخة.

وقد اختلف في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}، فقال بعضهم: منسوخة (٣). وقال بعضهم: غير منسوخة (٤).

وقد كان مالك -رضي اللَّه عنه- يستحِبُّ ما رُوي عن أنس: "لمن قوي عليه"، من غير أن يوجبه، وقال: من أطعم فإنما يطعم عن كل يوم مُدًّا، بمد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥)،


(١) في الأصل: عدة.
(٢) في الموطأ برواية يحيى برقم ٨٥٤، كتاب: الصيام، فدية من أفطر في رمضان من علة، قال مالك: وأهل العلم يرون عليها القضاء كما قال اللَّه عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، ويَرون ذلك مرضًا من الأمراض، مع الخوف على ولدها.
(٣) ممن قال بهذا: ابن عباس، وسلمة بن الأكوع، وعكرمة، والحسن، وعلقمة، والشعبي وعطاء وغيرهم، وقد تقدم تخريج روايات بعضهم قريبًا، وانظر تفسير ابن جرير (٢/ ١٣٨ - ١٤٠).
(٤) ممن قال بعدم نسخ الآية: ابن عباس أيضًا، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وغيرهم، انظر تفسير ابن جرير (٢/ ١٤٣ - ١٤٥).
(٥) الموطأ برواية يحيى برقم ٨٥٢، كتاب: الصيام، فدية من أفطر في رمضان من علة.

<<  <  ج: ص:  >  >>