صيد واحد، وهو اسم لجميع الهدي، وأهل اللغة يقولون: إن واحد الهدي هدية، مثل: تمرة وتمر، وجمرة وجمر، وطلحة وطلح، ثبت أنها في الواحد، وتسقطها في الجمع، فلما قيل:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وقد عرفوا أجناس الهدي، عُلم أنه واحد من هذه الأجناس أنها ما استيسر، لأنها كلها يكون لها واحد وجميع، فأما بعض الواحد فهو جزء من الأجزاء، يُعرف بتقدير الأهلاك، من غير أن يكون لها معاينة تعرف بها، كما تُعرف الشّاءُ بعينها، والبعير بعينه، لأن الإيجاب يقع على كل شيء يختاره الإنسان، فيوجبه بعينه، وقد كان معروفًا بالنعت قبل أن يوجبه، والأجزاء لا تكون معينة ولا يوقف على حدودها، وقد قيل في الجنين: غرة، فوقع الإيجاب على شيء يعرف بالنعت، فكانت الأمة غرة، وكان العبد غرة، وكان الفرس غرة، فأي ذلك أخرج الرجل فقد أخرج شيئًا نُعِت له.
ولو قال إنسان: ائتني بما تيسر من الإبل والغنم، لما وقع على بعض شاة، لأنه إذا أتاه ببعض البعير فإنما يأتيه به لحمًا، ولا يقع عليه اسم البعير، وإنما يقال: لحم بعير، ولحم شاة.
كذلك إذا قيل له: سُق ما استيسر من الهدي، لم يقع على بعض بعير.
قال اللَّه تعالى:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج: ٣٦]، فإذا وجبت بدنًا قبل أن تنحر، ولم يُقصد بها اللحم الذي يُتصدق به، ألا ترى أنها قد وُصِفَت بأنها من شعائر اللَّه، كما قيل في الصفا والمروة إنها من شعائر اللَّه؟ وقال:{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج: ٣٢].
فإذا وصفت بأنها من شعائر اللَّه، فليس يَعلم قدر ثوابها إلا اللَّه عز وجل.