للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبيك من منازلهم، فوقعت الإباحة لمن دُعِيَ (١) فقال: لبَّيك، وخرج، أن يأتي حلالًا في رخصة اللَّه إلى أن يبلغ ميقاته، إذ كان عليه أن يحرم من الموضع الذي خرج منه، مستجيبًا (٢) للأذان والدعوة بقول: لبَّيك، فلما كان الأصل هذا، أَوْسَعَ عليهم، ووَقَّتَ لهم المواقيت على لسان نبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبعضها أبعد من بعض، وليس هذا من باب التمتع في شيء.

وكان على كل من رجب عليه الحج أن يلبي من بلده ويَحسِب، فيكون إحرام بعضهم السَّنة، والعشرة أشهر، وما أشبه ذلك، فخَفَّف عنهم بقوله عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] كما خفف في المواقيت، وكذلك من أحرم قبل الشهور لزمه، ومن أحرم قبل المواقيت لزمه، لتركه الترخيص من اللَّه جل ثناؤه، وعَمِلَه بالشديد، واللَّه أعلم.

ومما يدل أيضًا على أن حاضري المسجد الحرام أهلُ مكة، ما جاء من الأحاديث أن العمرة واجبة بالسّنَّة على الناس كلِّهم، إذ كانوا لا هدي عليهم، ولم يجروا مجرى غيرهم من المتمتعين، فكذلك لم تجب عليهم العمرة، لأنهم يطوفون في كل وقت.

قال عطاء وطاوس: ليس على أهل مكة عمرة (٣).

وقال ابن عباس -رضي اللَّه عنه- مثل ذلك.

وقال ابن عمر -رضي اللَّه عنه- مثله، وزاد: إنما هم في عمرة كل يوم.

فإن قال قائل: فإن الحرم كله مسجد، فليس كما قال، لأن اللَّه تبارك وتعالى قد ذكر المسجد الحرام في غير موضع فقال: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ


(١) في الأصل: دعا.
(٢) في الأصل: مستجيب.
(٣) رواه عنهما ابن أبي شيبة برقم ١٥٦٩١ و ١٥٦٩٢ و ١٥٦٩٣ و ١٥٦٩٤ في كتاب: الحج، من قال ليس على أهل مكة عمرة، (ط الرشد).

<<  <  ج: ص:  >  >>