للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صداق، فيصل إلى أن يهب الفرْج، وهذا ما لا يجوز لأحد، إذ خص به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحرائر، فهذا نكاح لا يجوز لأحد.

فإن قالوا: الصداق هناك يصير من نفسه إلى نفسه.

قلنا: ليس الأمر على ما ظننتم، لكنها تملك الصداق ويكون له انتزاعه بعد أن ملكته، ألا تراه جل وعز قال للحر إذا تزوج الأمة: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}، فلو كانت لا تملكه لقيل: وآتوهم أجورهن، ولم يكن يأمرنا بدفع ما يملكه السيد إلى غير مالكه، وكان الأمر يخرج باللفظ الذي لا يُشكِل أولًا.

قال القاضي: وقد كان ابن سُرَيْج (١) عارضني في هذه الآية بأن قال: قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] فقد يكون فيهن من لا يجوز قَبْضُه فيدفع إلى غيره، كذا قيل هاهنا في الأَمَة، والدفع إلى غيرها.

فقلت له: الآيتان عليك، وذلك أن قوله تبارك وتعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، قد علمنا جميعًا أنهن المالكات القابضات، فإذا كان فيهن الصغيرة التي لا تَقْبِض لنفسها قَبَضَ لها أبوها أو من يقوم مقامه بأمره، والملك لها، وجنس الإماء عندك لا يملك، فلو كان كما تقول لكان الميم أولى من النون، وليس لك في الآيتين حجة، وكذلك نقول في الإماء إنهن المالكات القابضات بنص الكتاب، وقد يكون أيضًا منهن (٢) الصغيرة التي لا يجوز قبضها، فيقبض لها سيدها، والملك لها ما لم يشهد على انتزاعه منها.


(١) أبو العباس، أحمد بن عمر بن سُرَيْج القاضى الشافعي البغدادي، اشتهر بالخلاف والذب عن المذهب الشافعي حتى لقبوه بالباز الأشهب، توفي سنة ٣٠٩ هـ طبقات الشافعية لابن السبكي (٣/ ٢١).
(٢) في الأصل: فمنهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>