للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] ويقال في هذه الأشهر: هي الأربعة الأشهر التي أجلوا في قوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}، وقال سبحانه: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦]، وقال تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣]، فنسخ ذلك كل ما (١) كان قبله.

وأنزل في براءة أيضًا أمر أهل الذمة في قوله عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، فاستقر الأمر في مشركي العرب بعد الأربعة الأشهر التي ضُربت لهم على الدخول في الإسلام أو القتال، وفي أهل الكتاب ومن جرى مجراهم من المجوس وعبدة الأوثان على الدخول في الإسلام أو إعطاء الجزية أو القتال، فكان هذا ناسخًا لما مضى قبله، فلا دية الآن لمسلم منهم يقتل في الحرب إذا كان في جملتهم، إذ لا ميثاق، ألا تراه قال: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: ٩٠].

وقال عز وجل: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم: ٦٢]، والسلام ليس من اللغو، قال الأعشى:

إذا اتَّصَلَتْ قالت أبكرَ بن وائلٍ ... وبكرٌ سَبَتْها والأنوف رواغمُ (٢)

وقال زيد الخيل:

إذا اتَّصَلَت تنادي يا لقيسٍ ... وخَصَّت بالدعاء بني كلابِ (٣)


(١) في الأصل: كلما.
(٢) ديوان الأعشى (ص ٨١).
(٣) انظر ديوان زيد (ص ٧٤)، ولفظه:
ولو كانت تكلَّم أرض قيس ... لأضحت تشتكي لبني كلاب

<<  <  ج: ص:  >  >>