للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقل ذلك أحد من المخالفين علمتُه، والذي عمل عليه الفقهاء والتبع بالعمل، مخالف للرواية أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى أربعًا وكل طائفة ركعتين.

فأما الاختلاف الآن المروي في الركعتين، فإنه صلى بكل طائفة ركعة، ثم ما وقع من الترتيب فيشبه أن تكون الأفعال مختلفة لاختلاف الأحوال، واختلاف مواقع العدو من القبلة ومن غير القبلة، فحكي كل فعل منهما على قدر الحال التي كانت عليه، والأمر في ذلك كله جائز، لأنه يرجع إلى أن الإمام ومن معه صلى كل فريق منهم ركعتين، ووقع الاختلاف في الترتيب.

فأما ما روي من ركعتين للإمام، وركعة ركعة لمن خلفه، فقد يجوز أن يكون الراوي أراد الركعة التي مع الإمام، وغفل عن ذكر ما قضي على الانفراد لمن خلفه.

ومن [قال] (١) أربع ركعات للإمام، وركعتين ركعتين لمن معه، فليس عليه العمل، ولا يشبه ما أمر به الإمام من قسمة الصلاة بينهم، وقد يحتمل أيضًا أن يكون ذلك في حضر، فذَكَر ما صلوا مع الإمام، وأغفلوا ذكر ما قُضي، واللَّه أعلم.

قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ}، فعُلم أنها صلاة بعينها مفترضة، ثم قال: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}، فعُلم أنه في تلك الصلاة، {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} فعلم أنها تلك الصلاة بعينها التي أقيمت، وأن صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في نفسه لم تنقض حتى جاء الآخرون فصلوا معه، لأن صلاة الخوف إنما قسمت للعدل بين الطائفتين، ولو كان الإمام يصلي بهؤلاء فرضه، وبهؤلاء تطوعًا لما كانت الصلاة مقسومة بينهم، ولو كان هذا مما يجوز لما سميت صلاة


(١) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>