للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قاله عمر وابن عمر لا يخالف ما روته عائشة -رضي اللَّه عنها-، وما قال ابن عباس في صلاة الحضر والسفر، لأن اللَّه عز وجل قال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨]، فيكون بهذا القول صلاة السفر وصلاة الحضر جميعًا بقول اللَّه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: ٤٣]، وبقوله: {وَأَقِمِ (١) الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: ١١٤]، وسائر الآيات المذكورة فيها الصلاة، ثم يكون جبريل عليه السلام لما أقام لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأوقات، وصلى به الصلوات في يومين، أقام له في الحضر ما عرفه أنه موافق للسفر، ثم أتاه في وقت آخر بالزيادة في صلاة الحضر، وتكون صلاة الخوف بهذه الآية وتعليم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكون قول عمر وابن عمر وعائشة وابن عباس في السفر متفق كلّه غير مختلف.

وأما صلاة الخوف فالاضطراب في الروايات (٢) في صفتها ظاهر، وأصح ما في الباب ما رواه يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خَوّات، عن سهل بن أبي خَثْمَة، وموافقة يزيد بن رومان، وموافقة ابن مسعود وابن عمر في العدد.

فأما من قال: أربعًا للإمام وركعتين لكل طائفة، فليس له وجه، لأن القرآن يدفعه والحجة، لأنه لو كان يجوز أن يصلي بقوم فريضة وبآخرين تطوعًا، لكان ظالمًا للآخرين، وقد كان يجوز أن يستخلف على إحدى الطائفتين من يصلي بهم فرضه، فتكون نيته ونياتهم غير مختلفة.

فإن قال قائل: ذلك لفضل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفضل صلاته ودعائه.

فيقال لهم: تقول: إن صلاة الخوف لا تجوز بعده لأحد، وإن الإمام في الجيش يستخلف على إحدى الطائفتين، وتكون صلاة الخوف منسوخة، ولم


(١) في الأصل: أقم.
(٢) في الأصل: الروات.

<<  <  ج: ص:  >  >>