للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا أكل فكل" (١).

وفي كل الأخبار: إذا قتل الكلب فهي ذكاة.

ثم اختلف الصحابة والتابعون في ذلك أيضًا، فقال بعضهم: إذا أكل الكلب فلا تأكل.

وقال بعضهم: إذا أكل فكل.

فلما اختلفوا رجعنا إلى ما أوجبه القرآن، قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] وما أُمسك علينا هو ما أدركنا ذكاته، وما لم ندرك ذكاته إذا قتله الجارح.

فإن قالوا: إن الكلب إذا أكل فإنما أمسك على نفسه.

قيل لهم: والبازِيُّ إذا أكل إنما أمسك على نفسه.

فإن قالوا: البازي يَضْرى على الأكل (٢)، والكلب يُضرب لكي لا يأكل.

قيل لهم: نية الكلب لا يمكننا علمها، وإذا أرسلناه فلسنا ندري علينا يمسك أو على نفسه، بل ما يمسك إلا على نفسه، ومع ذلك فإذا كان الكلب إذا قتل فقتلته ذكاة، فما يضر من أكله، لا فرق بين أكله بعد الذكاة وبين أكله من شاة مذبوحة.

فإن قالوا: أكل الكلب يُنْبئ أنه أمسك وقتل لنفسه.


= ومسلم (٦/ ٥٦)، كتاب الصيد والذباح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، عن عدي بن حاتم قال: قال: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المعراض، فقال: "إذا أصاب بحده فكُلْ، واذا أصاب برضه فقتل، فإنه وقيذ، فلا تأكل".
(١) أبو داود برقم ٢٨٥٧، كتاب: الصيد، باب: في الصيد (ت الأرناؤوط).
(٢) يَضْرَى على الأكل: اعتاد الأكل فلا يصبر عنه، انظر اللسان (٩/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>