للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاطَّهَّرُوا} اغتسلوا، {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} في هذه الأحوال التي قدم ذكرها، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}، فلما قال اللَّه سبحانه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨]، وذكر لنا ما يوجب الوضوء، لم يجب في قيء ولا رُعاف، ولا في شيء يسيل من الجسد الوضوء.

فإن قيل: المغمى عليه عندكم يتوضأ ولم يذكر.

قيل: هذا وأضرابه داخل تحت قوله في ذكر النوم.

فإن قالوا: فالنُّفساء؟

قيل: تحت ذكر الحائض، لأنه حيْض طالت أيامُه، فلا وضوء ولا غسل إلا مما ذكر اللَّه في كتابه، إلا ما سنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غسل الجمعة، وغسل الإحرام، وما أشبه ذلك، وكذلك في الوضوء فيما سن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اتباعًا له، وذلك كله غير مفروض، وليس لأحد قصد ترك السنن، فمن عاندها بالترك اسْتُتِيبَ للعناد، ولا يجري مجرى الفرائض.

فإن قيل: فإن ابن عمر، وابن المسيب، قد روى عنهما مالك أنهما توضآ من الرُّعاف (١).

قيل: ذلك غسل المَوْضِع، والعرب تسميه وضوءًا، وقد صلى عمر -رضي اللَّه عنه- وجرحه يثعب دمًا (٢)، وصلى الأنصاري والدم يجري من السهم الذي رُمي به، وذكر ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يُنكر ذلك، ولا أمره بوضوء (٣).


(١) الموطأ برواية يحيى ٨٨ و ٩٠، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرعاف.
(٢) رواه الإمام مالك ٩٣، كتاب الصلاة، العمل فيمن غلبه الدم، برواية يحيى.
(٣) علقه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، ورواه أبو داود ١٩٨، كتاب الطهارة، باب الوضوء من الدم (ت الأرناؤوط).

<<  <  ج: ص:  >  >>