للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مس الذكر فإن مالكًا -رضي اللَّه عنه- كان لا يرى الوضوء فيه إلا على من مسه متعمدًا، وذلك أنه أجراه مجرى ملامسة النساء، ولو أجراه مجرى غيره من الحدث الذي يخرج من الإنسان، لأوجب فيه الوضوء على المتعمد وغير المتعمد، كما يجب الوضوء على من خرج منه الحدث عامدًا كان أو غير عامد، فدل ذلك على ما قلنا من أنه أدخله في معنى قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، وإنما فارق الذكرُ سائرَ البدن لأنه يمسه لشهوة، والشهوة فيه إنما هي للنساء، فكان شيئًا يشبه بعضه بعضًا، فهما من باب واحد.

واتبع أصحابنا في ذلك مع مقارنة الشهوة ما رُوِي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (١)، وعن سعد (٢)، وعن ابن عمر (٣)، وقام به الدليل عنده (٤)، وكان ما رواه طلق بن علي (٥) ما كان لغير شهوة -إن صح-، واللَّه أعلم.

وقد روي عن طلق أيضًا أن فيه الوضوء، واللَّه أعلم بصحته.

* * *


(١) منه ما رواه أصحاب السنن، أبو داود برقم ١٨١، كتاب: الطهارة باب: الوضوء من مس الذكر (ت الأرناؤوط)، والترمذي برقم أبواب الطهارة، باب: الوضوء من مس الذكر، والنسائي برقم ١٥٩، كتاب: الطهارة، الأمر بالوضوء من مس الرجل ذكره، وابن ماجه برقم ٤٧٩، أبواب الطهارة وسننها، باب: الوضوء من مس الذكر، عن بُسْرة بنت صفوان -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من مس ذكره فليتوضأ".
(٢) رواه مالك برقم ١٠١، كتاب: الصلاة، الوضوء من مس الفرج، برواية يحيى.
(٣) رواه مالك برقم ١٠ الموضع السابق.
(٤) كذا بالأصل، ولعل الصواب: عندهم.
(٥) رواه أبو داود برقم ١٨٢ (ت الأرناؤوط) كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك، والترمذي برقم ٨٥، أبواب الطهارة، باب: ترك الوضوء من مس الذكر، والنسائي برقم ١٦٥، كتاب: الطهارة، الرخصة في ترك الوضوء من مس الذكر، وابن ماجه برقم ٤٨٣ أبواب الطهارة وسننها، باب: الرخصة في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>