للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليدين، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ويل للأعقاب من النار" (١)، "ويل للعراقيب من النار" (٢)، فدل ذلك كله على الغسل.

وقد احتج قوم أنه المسحُ بالتيمم، وأنه قد يبلغ به إلى المرفقين وهو مسح. فقيل لهم: لم يقل اللَّه تبارك وتعالى في التيمم إلى المرفقين، فاختلف الناس في ذلك، وإنما قلنا: يمسح ما كان يغسل احتياطًا، وكان أقوى في باب الحجة، وأحوط في أداء الصلاة.

وقد قال قوم: وقوله عز وجل: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} أي: بعض رؤوسكم (٣)، ولو كان هذا هو المعنى لنزل القرآن به، ولما مسح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأسه كله، إذ لم يرو عنه أنه مسح ببعض رأسه روايةً تصح، كلُّ من روى وضوء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- روى أنه مسح رأسه كله، هذا مع نهي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن العداء.

قال عبد اللَّه بن مغفل: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سيكون قوم من هذه الأمة يعتدون في الدعاء والطهور" (٤)، فترك بعض الرأس عداء، كما أن الزيادة على مسحه عداء، والرواية في الثلاث خطأ، وراويها غير معتمد عليه، وهو


(١) متفق عليه من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري في مواضع منها برقم ٦٠، كتاب: العلم، باب: من رفع صوته بالعلم، ومسلم (١/ ١٤٧)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما.
(٢) رواه مسلم (١/ ١٤٨)، الموضع السابق.
(٣) مسح بعض الرأس مذهب الشافعي وأبي حنيفة -رضي اللَّه عنهما-، قال الماوردي: الشافعي في الحاوي الكبير (١/ ١٤١): "وقد ذهب الشافعي أن الواجب ما ينطلق اسم المسح عليه، ثلاث شعرات فصاعدًا"، وحُكي عن أبي حنيفة أن مقدار ما يجب مسحه الرُّبُع، انظر: المبسوط (١/ ٦٣)، وبدائع الصنائع (١/ ٤).
(٤) رواه أبو داود برقم ٩٦، كتاب: الطهارة، باب: الإسراف في الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>