للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسح كمسح التيمم، فلا يزاد في عدده، وقول اللَّه عز وجل: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} مثل قوله في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦]، ومسح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمُقدم رأسه إلى قفاه ثم ردها إلى حيث بدأ.

وقوله عز وجل: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، وامسحوا رؤوسكم واحدٌ، وهذه الباء تدخل في الكلام، والمعنى فيها وفي إسقاطها واحد عند أهل اللسان، لأنك تقول: ليس فلان قاتلًا، وليس فلان بقاتل، قال الشاعر:

كفى الشَّيْبُ والإسلامُ للمرء ناهيا (١)

فكان مثلَ قوله: كفى بالشَّيب والإسلام، وقال اللَّه تبارك وتعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]، وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز الطواف ببعض البيت حتى قالوا: من طاف في الحِجْر لم يجزئه طوافه، لأن بعض الحِجْر من البيت، فلم تعمل الباء شيئًا.

وقال مالك -رضي اللَّه عنه- فيمن قدَّم يديه قبل وجهه: إنه إن كان في مكانه أو بحضرة ذلك أعاد ما قدم ليكون بعد ما أخر، وإن كان صلى فصلاته ماضية (٢).

وبما قال في الحال الأول اتباع للسنة، وخالفه الشافعي فزعم أن الصلاة لا تصح إذا قدم ما أخر ذكره (٣).

ولا نعلم اختلافًا بين أهل اللغة أن الواو لا توجب التبدية، وإنما تقتضي الأفعال، إذا قال: لقيت زيدًا وعمرًا، فقد يجوز عندهم أن يكون لقي عمرًا قبل زيد، وإذا قيل: لقيت زيدًا فعمرًا، علم أنه لقي زيدًا أولًا بغير تراخي، فإذا قال:


(١) عَجُز بيت لسُحَيم عبد بني الحَسْحاس في ديوانه (ص ١٦)، وصدره:
عُمَيْرَةَ وَدِّع إن تَجَهَّزْت غادِيا
(٢) الموطأ برواية يحيى برقم ٣٨ كتاب: الصلاة، العمل في الوضوء.
(٣) الأم (١/ ٢٥) (ط المعرفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>