للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلفوا أيضًا في تضمين السارق، فقال المشرقيون: لا ضمان على موسِر ولا مُعْسِر.

وضمَّن الشافعي الفريقين.

وقال المالكيون: جعل اللَّه على السارق جزاء كَسْبِهِ شيئًا واحدًا وهو القطع، فلا نجعل في يده شيئين، لأنا لو ضمناه لجعلنا في يديه شيئين، فنقول: إن قدرنا على المسروق كان صاحبه أولى به، وإن كان قد تلف نظرنا فإن كان له مال أخذنا القيمة من ماله، لأنه وفاه بالسرقة، فيكون ذلك في المال دون البدن، وإن كان معسرًا لم ألزم يديه شيئًا يسعى فيه، فقد روى المِسْوَر عن عبد الرحمن بن عوف، رواه عنه سعد بن إبراهيم.

٣٤ - نا الحسن بن علي، قال: نا خالد بن خداش قال: نا إسحاق بن الفرات، قال: نا مفضل بن فضالة، قال: نا يونس لم بن يزيد، عن الزهري، عن سعد بن إبراهيم، عن المسور، عن عبد الرحمن بن عوف، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أُتي بسارق فأمر بقطعه، وقال: "لا غُرم عليه" (١).

وعن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دُرئ الضمان عن السارق"، وقال: "لا ضمانَ عليه".

ومثل قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيمن وجد متاعه في المغنم: "هو أحق به ما لم يقسم"، رواه علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد القطان، عن مِسْعَر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا مع الرواية لا يجوز في النظر سواه، لأن أهل دار الحرب ملكوه، فلو أسلموا ما انتزع من أيديهم، وهذا لا اختلاف فيه، كما يملكون الربا وأثمان المحرمات إذا أسلموا وتحل لهم.


(١) روى النسائي من طريق حسان بن عبد اللَّه، عن المفضل به، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد"، وقال: "هذا مرسل وليس بثابت".

<<  <  ج: ص:  >  >>