للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم الذين قيل فيهم: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}، وعلم أنهم حَكَّموه بقول اللَّه عز وجل: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ}.

وليس يجب على من حُكِّم أن يحكم، هو مخير إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، وإنما يجب الحكم على من هو حاكم على قوم، وحكمه جائز عليهم من غير تراضيهم به، وقد ذكر عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن ظهر عليهم يومئذ، والقرآن يدل على ذلك، وإنما جرى حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على يهود وأنزلت آية الجزية بعد فتح مكة، وعند مخرجه إلى تبوك، والرجم كان في قريظة والنضير قبل نقضهم العهد، وخيبر بعد ذلك بمدة، والذمةُ ودخولهم تحت الصغار والجزية بعد خيبر وبعد فتح مكة، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في مرضه: "لا يَبْقَيَنّ دينان في جزيرة العرب" (١)، فأجلى عمر -رضي اللَّه عنه- يهود خيبر ويهود نجران وفَدَك.

وقال مالك -رضي اللَّه عنه-: وجزيرة العرب: مكة، والمدينة، واليمن، واليمامة (٢)، وإنما ذكر مالك -رضي اللَّه عنه- أمهات القرى من جزيرة العرب، ولم يذكر ما هو تبع لها من البوادي والقرى.

قال الأصمعي: جزيرة العرب من أقصى أرض اليمن إلى ما تبلغه عمارة فارس والروم (٣).

وقول مالك -رضي اللَّه عنه-: إن اليهود لا تقام عليهم الحدود، ولا على أحد من الكفار في الزنا وما أشبهه مما يكون الحد فيه للَّه وحده، لأن اللَّه عز وجل أمرنا


(١) من حديث رواه مالك في الموطأ برواية يحيى برقم ٢٦٠٦، كتاب: الجامع، ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة، عن عمر بن عبد العزيز مقطوعًا، وانظر تعليق الدكتور بشار عواد على الحديث.
(٢) النوادر والزيادات (١٠/ ٥٠٤)، وفيه الحجاز بدل اليمن.
(٣) في غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام (٢/ ٦٧): "قال الأصمعي: جزيرة العرب من أقصى عَدَن أَبْيَن إلى ريف العراق في الطول".

<<  <  ج: ص:  >  >>