للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حدَّث الزُّهْري عن محمود بن الربيع بهذا الحديث، وقال: "فهي خِداج"، والخِداج: الناقص عند العرب، ليس تقضي هذه الكلمة بُطُولَ الصلاة، والذي خلف الإمام (١) حكمُه في القراءة حكم الإمام، لأن اللَّه عز وجل قال: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، فأَشْرَك تبارك وتعالى بين القارئ والمنصِت المستمع في الرحمة، لأن كلّ واحد منهما عاملٌ بما أَمَرَه به الإمامُ بالقراءة، والمأموم بالإنصات والاستماع.

ومن يستمع ولا يسمع، فقد قالى عثمان بن عفان: للمُنصِت الذي لا يسمَع من الأجر مثل ما للسامع المنصت (٢) وإنما ذلك لأن على الإنسان أن يستمع ويُنصِت، ليس عليه أن يسمع، قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: ٨٨ - ٨٩]، فجعل هارون داعيًا، وإنما أمَّن، ولذلك عُلِّمنا أن نقول: آمينَ، إذا قرأ الإمام وقال: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧]، لنُشاركه، فإذا قرأنا فقد غَنِينا عن التأمين، لأن التأمين إنما يكون على دعاء غيري (٣) لا نَشركه في دعائه.

ومما يدلُّ أيضًا على زَوال فرض القراءة عن المأموم، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَّم الرجل في الصلاة فقال: "كبِّر واقرأ، ثم اركَع، ثم افعَل كذا" (٤)، فأمره بالقراءة


(١) في الأصل: الصلاة.
(٢) رواه مالك في الموطإ برواية يحيى، برقم ٢٧٥، كتاب: الصلاة، ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب.
(٣) كذا في الأصل، والمراد: دعاء الغير.
(٤) متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري في صحيحه برقم ٧٥٧، كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم، ومسلم (٢/ ١٠ - ١١)، كتاب: الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، ويسمى عند العلماء: حديث المسيء صلاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>