للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أمره بالركوع، وعَلَّم الذين وراء الإمام فقال لهم: "إذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال كذا فافعلوا كذا" (١)، ولم يأمرهم بالقراءة كما أمر المنفرد.

وجاءه أبو بَكرة نُفَيعٌ فلحِق الركوع فركع ودَبَّ (٢)، ولو كانت القراءة من الفروض لأمره بإعادة الركعة، فأجزأته صلاته، وأجمعت الأمة على ذلك.

فإن قال قائل: فإن القيام فرض، فلما سقَط عنه في هذه الركعة سقَطَت عنه القراءة.

قيل له: إنما كان القيامُ مفروضًا للقِراءةِ، والاستماعِ للقِراءة، فإذا انقضى فرضُ القِراءة زال فرض القيام، فلما لم يكن على المأموم القراءةُ سقط فرض القيام لهما.

فإن قيل: فلمَ لا يسقُط فرض القيام في غير هذه الركعة عن المأموم؟

قيل: لم يزُل ذلك عنه، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جُعِل الإمام ليُؤْتَمَّ به" (٣)، فعليه أن يفعل مثل أفعاله ولا يخالفَه في شيء منها، ويستمع لقراءته إن كان يجهر، والركعة الأولى إنما صار له إمامٌ بعد فَوْت القيام واستماع القراءة.

وقد روى مالك، عن أبي نُعَيْم وهْب بن كَيسان، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فلم يُصَلِّ إلا وراء إمام (٤).


(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري برقم ٧٣٤، كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، ومسلم في صحيحه (٢/ ١٩)، كتاب الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام، ومن حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، في المواضع السابقة.
(٢) رواه البخاري برقم في صحيحه ٧٨٣، كتاب: الأذان، باب: إذا ركع دون الصف.
(٣) من حديث: "فإذا كبر فكبروا. . . " المتقدم تخريجه قريبًا.
(٤) الموطأ برواية يحيى برقم ٢٢٣، كتاب: الصلاة، ما جاء في أمر القرآن؛ والترمذي في سننه برقم ٣١٣، أبواب: الصلاة، باب: ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام، وقال: "حسن صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>