للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وإنما هي في ذوي الأرحام الذين سماهم دون من لم يُسَم، ولا دخَل بالمعنى، ثم بين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "فما أبْقَت الفرائض فلأَوْلى عَصَبة ذَكَر" (١).

ولو كان كما قال العراقيون مع قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فما أبْقَت الفرائض فلأَوْلى عَصَبَة ذَكَر"، وقوله: "الولاء لُحْمَة كلُحْمَة النَّسَب" (٢)، لكان ينبغي لهم إذا خَلَّف الرجل ابنَ عمِّ وابنةَ عمٍّ، أن يكون المال بينهما، وكذلك إن خلف عَمًّا وعمَّةً، وكذلك إن خلَّف عمة وابن عم، أن يكون المال للعمة، وكذلك إن خلَّف ابنة وأختًا وابن عم، أن يكون المال كله للبنت أو الأخت، دون ابن عم المتوفى، وهم لا يقولون شيئًا من ذلك، ولو قاله قائل لخالف كتاب اللَّه عز وجل، وليس بين المسلمين خلاف علمتُه في ذلك.

وإذا كان هذا هكذا، فقد عَلمنا أن اللَّه سبحانه إنما أراد بالآية ذوي الأرحام الذين يرثون بكتابه، دون غيرهم ممن لا نَسَب بينهم وبين المتوفى، والولاء فقد جعله اللَّه تبارك وتعالى على لسان نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإذ هو المبيِّن ما أراد اللَّه عز وجل تَبْيينًا.

وإنما فسر هذه الآية أهل العلم من عروة، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وزيد بن أسلم، وسائر من فسرها بأنها ناسخة لما كان أُجري من الموارثة بالهجرة، وعرفوا أن هذه الآية نزلت وكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار يتوارثون، فارتفع ذلك بعد فتح مكة، وأنزل اللَّه عز وجل: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} يعني: من أسمى، {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.


(١) متفق عليه من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري في صحيحه في مواطن منها رقم ٦٧٣٢، كتاب: الفرائض، باب: ميراث الولد من أبيه وأمه، ومسلم (٥/ ٩٥)، باب: الفرائض، كتاب: ألحقوا الفرائض بأهلها.
(٢) رواه الدارمي في مسنده برقم ٣٢٠٣، كتاب: الفرائض، باب: بيع الولاء، وابن حبان في صحيحه ٤٩٥٠، باب: البيع المنهي عنه، ذكر العلة من أجلها نهي عن بيع الولاء وهبته، وابن أبي شيبة في مصنفه برقم ٢٠٨٤٥، كتاب: البيوع والأقضية، بيع الولاء وهبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>