للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رضي اللَّه عنه- على ذلك الاختلاف، فأُنزلت سورة براءة، فأَنْفَذ بها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليًّا ليتلو الآيات على الناس في الموضع الذي يجتمع الفريقان فيه، وهو: منى، وينادي في الناس بما أمره به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من: "ألا يحج بعد العام مُشرِك، وألا يطوف بالبيت عُريان" (١)، وكانت العرب تطوف عُراة الرجالُ والنساء، فكانت المرأة تغطي فرجها بيدها وتقول:

اليوم يبدو (٢) بَعضُهُ أو كُلُّهُ ... فما بدا منه فلا أخِلّهُ (٣)

فنادى بذلك عليٌّ، وأعانه أبو هريرة وغيره بالنداء بمنى في مَجمَع الناس وفي سائر أسواقهم، قال علي: أمرني بأربع: "ألا يَقْربَ البيتَ بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن يُتمم إلى كل ذي عهد عهده" (٤)، وذلك لمن لم يكن نقضَ العهد، فأما من نقض فليس يدخل في ذلك.

قال الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن: إن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر -رضي اللَّه عنه- فيمن يؤَذِّن يوم النحر بمنى، ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر (٥).

فلم يحج في العام الذي حج فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حجةَ الوداع مُشرِك، وأنزل اللَّه تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر -رضي اللَّه عنه- إلى المشركين: {يَاأَيُّهَا


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده في مواطن منها رقم ٥٩٤، والترمذي برقم ٣٠٩٢، أبواب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة التوبة، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(٢) في الأصل: يبدوا.
(٣) تقدم هذا البيت.
(٤) تقدم قريبًا.
(٥) رواه البخاري برقم ٣١٧٧، كتاب: الجزية، باب: كيف ينبذ إلى أهل العهد، وفي غير موطن آخر، ومسلم (٤/ ١٠٦)، كتاب: الحج، باب: لا يحج البيت مشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>