للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ٢٨]، فكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع منها المسلمون، فلما حرم اللَّه على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام، وَجَد المسلمون في أنفسهم مما قُطِع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها، فقال اللَّه عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ}، ثم أحل في الآية التي تبعتها الجزية، ولم تكن تؤخذ قبل ذلك، فجعلها عِوضًا مما منعهم من موافاة المشركين لتجاراتهم، فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، فلما أَحَقَّ اللَّه تبارك وتعالى ذلك للمسلمين، عرفوا أنه قد عاضَهُم أفضلَ مما كانوا وَجَدوا عليه، مما كان المشركون يوافون به من التجارة.

ثم قال تبارك وتعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} وآخرها سَلْخ المحرم، {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وهم الذين لم يكن لهم عهد بقوله: {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَد} إلى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ٥]، وبقي من لم ينقض العهد إلى مدّته، وهم قوم من كِنانة، وليس هم الذين قاتلوا خزاعة، وذلك في سائر العرب ألا يقبل منهم جِزية، إلا من تمسك منهم بالكتاب، وهم: بنو تَغْلِب، واليهودُ من اليَمانيِّين فلهم حكمهم.

ثم استقر أمر الحج لما فرض على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمر به، ووافق حجه ذا الحجة، ووقف بعرفةَ والمسلمون معه، واستقر الأمر على ذلك.

وفي طوافهم عراة نزلت: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]، فأُمروا بستر عوراتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>