للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: اللفظ قد يستوي ويفترق والمعاني، قد قيل: "البينة على المدعي" (١)، ويكون مدعي بحق، ومدعي بباطل، فمن أتى ببينة وإن كانت في الظاهر بيانًا، فليس كمن لم يأت ببيان، واللَّه أعلم.

وقد سمى اللَّه تبارك وتعالى رامي زوجته شاهدًا، ولم يسم رامي الأجنبية شاهدًا، فهذا بذلك على ما قلناه، وإنما المعنى في اللِّعان ما يسقط به الولد عن الزوج إذا نفاه ولاعن زوجته.

وقد أسقط رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الولد وجعله لأمه، ومنع أبو حنيفة وأصحابه، إذا كانت زوجته أَمَة أو نصرانية نفي الولد وألزموه ذلك، وجعلوا الولد إذا كان من أَمَة أو نصرانية ألزمَ له من أن يكون من زوجة حرة مسلمة (٢)، وجعلوا قول الزوج للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أرأيت إن وجد مع امرأته رجلًا، فإن تكلم به تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك، ولو كان اللِّعان لدرء الحدِّ لما كان الزوج إن سكت سكت على أمر عظيم، ولم يعلموا ما يخص الزوج من ذلك مما هو فيه مباين لسائر الناس.

وقالوا أيضًا: إن اللِّعان لا يوجب الفُرقة حتى يطلِّق الزوج (٣)، واحتجوا بحديث سهل بن سعد وهو عليهم، لأن سهلًا قال في الحديث: فطلقها من غير أن يأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، وذهب عنهم ما رواه ابن عمر.

٥٣ - [نا] (٤) أحمد بن موسى، قال: حدثني القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رجلًا لاعن امرأته في زمان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وانتفى من ولدها، ففرق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما، وألحق الولد بالمرأة (٥).


(١) جزء من حديث رواه الترمذي في سننه برقم ١٣٤١، أبواب: الأحكام، باب: ما جاء في أن البينة على المدعي، عن عبد اللَّه بن عمرو، وقال: "هذا حديث في إسناده مقال".
(٢) المبسوط (٧/ ٢٤٥)، بدائع الصنائع (٣/ ٢٤٥).
(٣) بدائع الصنائع (٣/ ٢٣٨).
(٤) سقطت من الأصل.
(٥) رواه مالك في الموطأ، برواية يحيى، برقم ١٦٤٣، كتاب الطلاق، ما جاء في =

<<  <  ج: ص:  >  >>