للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأزواج فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}، فكل هؤلاء من الأزواج. ولو أن رجلًا فاسقًا ظاهر الفسق قذف امرأته لوجب بينه وبينها اللِّعان في قولهم، وهم لا يقبلون شهادته، وكذلك الأعمى في قولهم، وهم لا يقبلون شهادته، فقد أخرجوهما من باب الشهادات.

ولو أن رجلًا شهد على امرأته بالزنا وهو عدل، وشهد معه على ذلك ثلاثة شهود، لما قبلت شهادتهم عليها، حتى يشهد عليها أربعة سواه، لأن اللَّه يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}، فالشهداء على الزنا أربعة، فإذا لم يكونوا أربعة سواه لم تقبل شهادتهم، فكيف يجري أمره وحده مجرى الشهادات.

وقالوا: لا يكون بين الزوجين لعان حتى يكونا حُرَّيْن مسلمَيْن، لأن الرجل المسلم إذا قذف زوجته النصرانية، لم يكن عليه حَدّ، وكذلك إذا قذف زوجته الأمة (١) لم يكن عليه حدّ.

هذا القول إنما يجوز لقائله أن يقول، إذا علم أن اللَّه تبارك وتعالى إنما أوجب اللِّعان من أجل الجَلْد خاصة، وليس في هذا دليل من كتاب اللَّه عز وجل ولا سنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس الرمي الموجب للِّعان القذفُ بما لم يشاهد، المسلِم -عندنا- إذا قذف زوجته المسلمة وقال: لم أر ولا تيقنت جُلد ولم يلاعِن، وإنما الذي يلاعِن من يقول: رأيت وتبينت، كما في الحديث.

فإن قال قائل: قال اللَّه تبارك وتعالى: {يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} كما قال: {يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}.


(١) في الأصل: المسلمة، والصواب ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>