للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعرب تقول للرجل لا زوجة له: أَيِّم.

والمخاطَب: العبد والأمة، والعقد عليهم للسّادة، ثم فسر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأيامى، إذ الآية تحتمل أن تُزوج الأَيِّم شاءت أو كرهت، وتحتمل بأمرهن، بأن قال: "الأَيِّم -وهي كل امرأة لا زوج لها من بكر وثيِّب- أحق بنفسها من وليها الذي ليس له أن يزوجها إلا بأمرها" (١)، فأثبت الولاية عليها، وأنه ليس لها (٢) أن تُزوج نفسها، ولا لوليها أن يفتات عليها بالعقد قبل إذنها، إذ هي أحق بنفسها منه فلها الاختيار، والعقد به وإليه.

ثم قسم صلى اللَّه عليه الأيامى قسمين: منهن ثيِّب، وأبكار، فقال في جنس الأبكار إذ كان الحياء يمنعهن من الاختيار وطلب الزوج: "والبكر تُستأذن وإذنها صُماتها" (٣)، فقيل في هذا الجنس: إن الولي يختار ويستأذن، وجعل للحياءِ الصُّماتَ الإذن.

قال محمد بن مسلمة، عن مالك: وليس كل امرأة [صمتت] يُعْلَمُ (٤) أن إذنها صُماتها، فينبغي للولي أن يقول لها: صماتُك إذْنٌ؟ فإذا صمتت بعد ذلك زوّجها (٥).


(١) رواه مسلم (٤/ ١٤١)، كتاب: النكاح، باب: استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت.
(٢) في الأصل: له.
(٣) متفق عليه من حديث عائشة وابن عباس وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهم-، رواه البخاري كتاب: الحيل، باب: في النكاح، ومسلم، كتاب: النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت.
(٤) في الأصل: امر، وفراغ مقداره كلمة، تعلم، وما أثبته يستقيم به السياق.
(٥) ذكر ابن رشد هذه الرواية في البيان والتحصيل (٤/ ٣١٦)، وقال: وعلى هذه الرواية يأتي قول غير ابن القاسم في المدونة، وهذا إذا كانت تعلم أن إذنها صماتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>