للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ثبتت الولاية على كل أيم بالآية والسُّنة، وبآية أخرى وهي قوله سبحانه: {فَلَا (١) تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ} [البقرة: ٢٣٢] فلو كان أمرها إليها أيُّ عَضْل كان يلحقها؟ وما وجب العتاب في النهي عن العضْل، فأمرها إليها.

وهذه الآية نزلت في معقل بن يسار، وذِكرُها في موضعها إن شاء اللَّه.

فأما الأب فلا يدخل في معنى الحديث في قوله: "البكر تستأذن"، لأن الأب يزوجها صغيرة، ويجوز ذلك عليها أحبَّت أو كرهت، إذا كان الأب رشيدًا، وقد تزوج رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عائشة من أبي بكر رحمة اللَّه عليهما وهي ابنة سبع، ودخل عليها وهي ابنة تسع.

وأجمع أهل العلم على جواز ذلك في الصغيرة (٢) للأب (٣)، إلا شيئًا ذُكر عن داود الأصبهاني، وفيه طعن على نكاح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عائشةَ -رضي اللَّه عنها-، ورأيت من أصحابه من ينكر ذلك، ومنهم من يُقِرُّ به، وعلى أنه لو قاله ما كان قولُه خلافًا، لأن العلم يؤخذ عن الأكابر لا عن الأصاغر، ومن يأتي ليس بخلاف على من مضى.

ولما قال اللَّه عز وجل: {الْأَيَامَى مِنْكُمْ}، عُلم أنهن الحرائر وهن لا يملكهن، وللأب أن يعقد عند مالك على ابنته ما كان نفقتُها عليه واجبة، فإذا زالت النفقة عليه بانتقالها إلى غيره لم يعقد عليها إلا بأمرها.

قال الحسن البصري: الأب يزوج الثَّيِّب -أيضًا- وهي كارهة، ولقوله وجه صحيح، ولكنه انفرد به، والعمل على الإجماع أولًا، ومثله يكون خلافًا.


(١) في الأصل: ولا.
(٢) في الأصل: الصغير.
(٣) نقل هذا الإجماع ابن عبد البر في الاستذكار (٥/ ٣٩٠ - ٣٩١) عن القاضي إسماعيل، وابن القطان في الإقناع (٣/ ١١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>