للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: إنما يمكن أن يقع الخصوص في العبد دون الأيامى (١)، لأنهم الرجال وهم المحتاجون في النكاح إلى الغنى، لأن الرجال هم الذين يُصْدِقُون، والنساء يأخذن الصَّداق، والرجال يُنفِقون والنساء يُنفَقُ عليهِنّ.

قال عمر: ابتغوا الغنى في النكاح، ما رأيت مثل من قعد بعد هذه الآية، إنما {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، والأيم في اللغة: كل من لا زوج له من الرجال والنساء، وقد ذكرنا هذا في موضعه.

وأما قول مالك: إن للسيد أن يكاتِب عبده شاء أم أبى، فإن ذلك يكون عنده على وجه النظر من السيد للعبد، لأن للسيد أن يؤاجره للسنة والسنتين، ويأخذ الأجرة والعبد باقٍ على رقه، فلما كان له ذلك، كان من المعروف والإحسان منه إليه أن يكاتبه مدة معلومة، على مقدار يعلم أنه يطيق أداءَه (٢) في تلك المدة من أعماله واكتسابه، وليس للعبد أن يمتنع من ذلك، يؤديه (٣) إلى الحرية، ولا ضرر فيه عليه، وإنما يجيز مالكٌ للسيد هذه المكاتَبةَ إذا كانت بهذه الشريطة، فأما إن حَمَّله ما لا يطيق أو ما يطيق مُضيِّقًا عليه فلا يجوز عنده، وهذا من المعروف الذي أمر اللَّه به.

ومن مذهبه أن يأمُر المكاتِب ويحُضَّه على ترك بعض النجوم مما يَقوى به المكاتَب على كتابته، يأمر بذلك ويراه وإن كان لا يوجبه (٤)، كما يُؤمر به في المتعة وما أشبهها، واللَّه أعلم.

* * *


(١) في الأصل: ودون الأيامى، مكررة.
(٢) في الأصل: أراه.
(٣) كذا في الأصل.
(٤) قال ابن أبي زيد في النوادر (١٣/ ٦٣): . . . روى بعض البغداديين عن مالك، أن للسيد إكراه عبده على الكتابة. . .، وابن القاسم يرى ألا يكاتب عبد إلا برضاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>