للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم الشافعي أن حجته على من ذهب إلى ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن الماء لا ينَجِّسُه شيء" (١)، ما رُوي عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الكلب إذا وَلَغَ في إناء غُسل سبع مرات (٢)، وهو يزعم في كتاب الربيع أنه قال في الكلب بالسُّنة، وقال بغير علة، ثم نسي بعد ورقة فقال: إن لم يكن الخنزير أنجس من الكلب فليس بِدونِه (٣)، فقاس على ما زعم أنه لغير علة.

وقال في النجاسات سواه بحديث أسماء ابنة أبي بكر، وقال الشافعي: وأَمَرَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغسل دم الحيضة، ولم يؤقِّت فيه شيئًا، فكان اسم الغَسْلة يقع على غَسْلة وأكثر، فكانت الأنجاس كلها سوى الكلب قياسًا على دم المحيض لموافقته في المعقول، ولم يَقِسه بالكلب، وزعم أن السِّباع وغيرَها مما لا يُؤكل لحمه لا تُنَجِّس الماء إذا شرِبت منه، وأنه قاس ذلك على ما عُقِل، وزعم أن الفرق بين الكلب وبين غيره، أن الكلب مَنْهِيّ عن اتخاذه إلا لمعنى، وجعل ينقص من اتخذه لغير معنى كل يوم قيراطين (٤)، وأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب.

فدل قول الشافعي على أن أمر الكلب لا يقبله، وأن الذي فهم من الفرق بين الكلب وغيره ما وصف، فلم يكن ينبغي له أن يحتج بأمر الكلب في الحديث الذي روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الماء لا ينجسه شيء، لأنه زعم أن الذي


(١) تقدم.
(٢) رواه مسلم في صحيحه في مواطن منها (١/ ١٦١ - ١٦٢)، كتاب: الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب.
(٣) الأم (١/ ١٩) (ط المعرفة)، قال: "فقلنا في الكلب بما أمر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان الخنزير إن لم يكن شر من حاله، لم يكن في خير منها، فقلنا به قياسًا عليه".
(٤) متفق عليه من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري في صحيحه برقم ٥٤٨٢، كتاب: الذبائح والصيد، باب: من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية، ومسلم في صحيحه (٥/ ٣٦ - ٣٧)، كتاب: البيوع، باب: الأمر بقتل الكلاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>