للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبُكَيْر يرتفع عندي عن هذا القول الظاهر القباحة، ولعل الخطأ ممن دونه، وقد بلغني أن بعض المتأخرين يقول ذلك (١).

وقصة المُظاهر على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رواها بُكَيْر وغيره، وكلهم حكى أن المُظاهر ظاهَر مرة، فأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالكفارة، وكان نزول القرآن فيه، فلو كان الوجوب بالقول الثاني، لما أمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالكفارة، ولقال له: امض ولا تعد لهذا القول فتلزمك الكفارة، وما ذكر في حديث ولا خبر ما حُكِيَ عن بُكَيْر.

وقد تكلم الناس فيمن ظاهر من امرأته مرارًا، فقال بعضهم: لكل قول من ذلك مرتين فلا يعلم (٢)، وقال الكثير منهم: كفارة واحدة.

فأما أن لا يكون عليه شيء حتى يُظاهر مرتين، فلا نعلم أحدًا قاله (٣).

ولقد بلغني أن بعض من يتكلم عن مذهب هذا المتأخر، أن جهله حمله على دفع الحديث الذي قال فيه: إن الظهار كان طلاق الجاهلية، فنقله اللَّه إلى الكفارة، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقل: "ما أراكِ إلا قد بِنْتِ منه"، وضعف الحديث، وهذا حديث رواه جماعة منهم: حجاج بن مِنْهال، عن حماد، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن خولة التي ظاهر منها أوس بن الصامت، ومع ذلك فما يُحتاج إلى حديث مع القرآن، هل اشتكت إلى اللَّه إلا من الفراق، وقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لها قد حرمت عليه، فقال عز وجل: {وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}، فإلى اللَّه أشتكي مصير الكلام في العلم إلى من لا دين له ولا توقي


(١) يقصد داود الظاهري، انظر: الاستذكار (٦/ ٥٨).
(٢) كذا العبارة في الأصل.
(٣) عزاه ابن عيد البر في الاستذكار (٦/ ٥٨) ليحيى بن زياد الفراء، وداود بن علي، وفرقة من أهل الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>