للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في لفظ ولا فعل، وهل في شيء من الحديث إلا ظهار مرة واحدة، فأمروا بالكفارة، وإنما جاؤوا للوقت، اللَّه المستعان على ما قد ظهر في أهل العلم.

وأما مالك فإنه يقول: كفارة واحدة (١)، وهو قول أكثر الصحابة والتابعين، وهو الذي تكلم الناس فيه.

فأما أن لا يجعل على المُظاهر كفارة حتى يتكلم بذلك مرة أخرى فلا وجه له، لأن المُظاهِر الذي جُعل فيه القرآن، وحُكِمَ عليه بالكفارة فيه، كان مُظاهِرًا (٢) قبل أن تنزل: {ثُمَّ يَعُودُونَ}، ولم نجد أحدًا أنه ظاهر مرتين، ولو كان ذلك لحُكي، إذ كان لا يجب في الظهار حكم إلا بذلك، وإلا وصف في الحديث أنه ظاهر.

ولو كان وجوب الكفارة بالعود للقول لما كان لذكر المَسيس وجه، وإنما ذكر التظاهر وهو ضد المَسيس، لأن المُظاهر حرم على نفسه المَسيس، فكيف يقال: إذا حرمت على نفسك المَسيس، ثم حرَّمتَ ثانية، فأعتق رقبة قبل أن تَمَس؟ هذا كلام ضعيف، ولو قال رجل لرجل: إذا لم تُرد أن تَمَس فأعتق قبل أن تَمَس، لنُسب إلى الضعف والجهل، ولو قال: إذا أردت أن تمس فأعتق قبل أن تمس، لكان هذا كلامًا صحيحًا مفهومًا (٣).


(١) في الموطأ في كتاب: الطلاق، ظهار الحر، برواية يحيى: قال مالك في الرجل يتظاهر من امرأته في مجالس متفرقة، قال: ليس عليه إلا كفارة واحدة.
(٢) في الأصل: مظاهر.
(٣) نقل ابن حجر في الفتح (٩/ ٤٦٨) هذا الكلام عن القاضي إسماعيل فقال: "وقال إسماعيل القاضي: لما وقع بعد قوله ثم يعودون فتحرير رقبة، دل على أن المراد وقوع ضد ما وقع منه من المظاهرة، فإن رجلًا لو قال: إذا أردت أن تمس فأعتق رقبة قبل أن تمس، لكان كلامًا صحيحًا، بخلاف ما لو قال: إذا لم ترد أن تمس فأعتق رقبة قبل أن تمس".

<<  <  ج: ص:  >  >>