للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سمى اللَّه تبارك وتعالى القول فعلًا والفعل قولًا، فقال عز وجل: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: ١٠٨]، وهي المعاصي.

وقال عز وجل: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨]، وهن معه، وإنما أراد اخترن الدنيا، وهو قول.

وقد أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي ظاهر ثم غَشي قبل أن يُكَفِّر، أن يعتزل امرأته حتى يقضي ما عليه، فإذا كان هذا فيمن غَشي ووجبت عليه الكفارة على كل حال واجبًا، فهو فيمن لم يكن منه الغشيان أوجب وأوكد، واللَّه أعلم.

ونعود على الشافعي فنقول: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد جاءه الذي وطئ قبل أن يُكَفِّر، فلم يقل له: إن الكفارة قد كانت وجبت عليك، وقال له: "لا تطأ حتى تكفر"، فأعلمه أنه ممنوع من العَوْد، وإن كانت الكفارة قد صارت في الذمة، وليس تلزم الذمة إلا بالعَوْد الموصول بالوطء، واستدامة إرادته حتى تنقضي الكفارة، فتقع بها الإباحة، وكل ذلك ذهب عن الشافعي وقال: لا بأس بوطء المظاهر في ليل الصيام (١)، خالف نص القرآن والسُّنة.

* * *


(١) في الأم (٥/ ٢٩٧): لو كانت امرأته معه فأصابها قبل أن يُكَفِّر واحدة من الكفارات، أو كَفَّر بالصوم فأصاب في ليل الصوم، لم ينتقض صومه، ومضى على الكفارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>