للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن باز -رحمه الله- في بيان المشروع في معاملة غير المسلمين: «إن من المشروع للمسلم بالنسبة إلى غير المسلم أمورًا متعددة، منها:

أولًا: الدعوة إلى الله، بأن يدعوه إلى الله، ويبين له حقيقة الإسلام، حيث أمكنه ذلك، وحيث كانت لديه البصيرة؛ لأن هذا هو أعظم الإحسان، وأهم الإحسان الذي يهديه المسلم إلى مواطنه، وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من دل على خيرٍ فله مثلُ أجر فاعلِه» رواه الإمام مسلم في صحيحه (١)، وقوله -عليه الصلاة والسلام- لعلي لما بعثه إلى خيبر، وأمره أن يدعو إلى الإسلام قال: «فوالله لأن يهديَ الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم» متفق على صحته (٢).

وقال -عليه الصلاة والسلام-: «من دعا إلى هُدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تَبِعه، لا يَنقُصُ ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالةٍ، كان عليه من الإثمِ مثل آثام من تبِعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا» رواه مسلم في صحيحه (٣).

فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات، ومن أفضل القُربات.

ثانيًا: لا يجوز أن يظلمه في نفسٍ ولا في مالٍ ولا في عِرضٍ، إذا كان ذميًّا أو مستأمنًا أو معاهدًا، فإنه يؤدي إليه الحق، فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش، ولا يظلمه في بدنه لا بضربٍ ولا بغيره؛ لأن كونه معاهدًا أو ذميًّا في البلد أو مستأمنًا يعصِمه.

ثالثًا: لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، فقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه اشترى من الكفار عُباد الأوثان، واشترى من اليهود، وهذه معاملة، وقد توفي -عليه الصلاة والسلام- ودرعه مرهونة عند يهودي في طعامٍ اشتراه لأهله.


(١) أخرجه مسلم في الإمارة (١٨٩٣)، وأبو داود في الأدب (٥١٢٩)، والترمذي في الموضع السابق (٢٦٧١)، وأحمد ٤/ ١٢٠ (١٧٠٨٤) من حديث أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري في أصحاب النبي (٢٩٤٢، ٣٠٧١)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٠٦)، وأبو داود في العلم (٣٦٦١) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه مسلم في العلم (٢٦٧٤)، وأبو داود في السنة (٤٦٠٩)، والترمذي في العلم (٢٦٧٤)، وابن ماجه في المقدمة (٢٠٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>