للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفريقين؛ فريق يُثاب على أكله وشربه ونزهته ونومه ونحو ذلك، وفريق يدخل المسجد ويُهَمْهِم، ويخرج من الصلاة ما كُتب له إلا ربعها أو عشرها أو أقل من ذلك، قلبه سارح في مَزابل الدنيا، وشهواتها، وهذا والله غاية الغُبن.

الوصية الثالثة والستون

اعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا (١)، فاجعل الصبر سلاحك ومركبك، صبرًا على طاعة الله تعالى، وصبرًا عن معصية الله تعالى، وصبرًا على أقداره المؤلمة، فهو -عز وجل- يحب الصابرين، وهو -سبحانه وتعالى- معهم بتوفيقه وعونه لهم، فالصبر سبب للخيرية والعقبى الحسنة في الدنيا والآخرة ومضاعفة الأجر، قال تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: ١٢٧].

وقال تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦]، وقال تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: ٢٤]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠].

الوصية الرابعة والستون

تخلق بالحلم وكظم الغيظ، وبادر إلى العفو والصفح، فقد جعل الله -عز وجل- ذلك من أخص صفات المتقين المسارعين إلى مغفرته وجنته، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٣، ١٣٤].

وقال -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبدِ القيس: «إن فيك خَصلتينِ يحبهما الله: الحِلم والأناة» (٢).


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>