قال الله تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٢٨]
يُعد عقد الزوجية من أغلظ العقود، وأشدها وأخطرها، رتَّب الله -عز وجل- عليه حقوقًا عظيمة بين الزوجين، يجب على كلٍّ منهما مراعاتها، والقيام بها، وأداؤها للآخر، على أكمل الوجوه وأتمها؛ لكي تصلح الحياة الزوجية بينهما وتستقر، ويكوِّنا أسرة صالحة آمنة مستقرة بإذن الله تعالى.
ومن أوجب الحقوق وأعظمها فيما بين الزوجين: أن يعاشر كلٌّ منهما الآخر بالمعروف، كما قال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩]؛ أي: ليعاشر كلٌّ من الزوجين الآخر بما هو معروف وواجب في الشريعة الإسلامية من حسن المعاشرة؛ قولًا وفعلًا وبذلًا، واحترامًا وتقديرًا، لِينًا في القول، ومعاملة حسنة، وصحبة جميلة، وأداءً للحقوق، وبذلًا للندى، وكفًّا للأذى.
ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة في حسن خُلقه -صلى الله عليه وسلم- وطيب مَعشَره في تعامله مع أزواجه -رضي الله عنهن-.
قالت عائشة -رضي الله عنها-: خرجت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمِلِ اللحمَ ولم أبدُن، فقال للناس:«تقدموا» فتقدموا. ثم قال لي:«تعالَيْ حتى أُسابِقَكِ». فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملتُ اللحمَ وبدُنت ونسِيت خرجتُ معه في بعض أسفاره، فقال للناس:«تقدموا» فتقدموا، ثم قال:«تعالي حتى أسابقك». فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول:«هذه بتِلكِ»(١).
(١) أخرجه أبو داود في الجهاد (٢٥٧٨)، وابن ماجه في النكاح (١٩٧٩)، وأحمد ٦/ ٢٦٤ (٢٦٢٧٧). وصححه الألباني في «الإرواء» (١٥٠٢).