للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورُوي أن الحسن البصري -رحمه الله- كان متواريًا في منزل أبي خليفة العبدي، فجاء رجل فقال: يا أبا سعيد، تُوفي الحجاج، فخر ساجدًا (١).

الوقفة الرابعة في:

فضل الشكر، وجزائه في الدنيا والآخرة

الشكر من أفضل الأعمال، وأجلها عند الله -عز وجل-؛ ولهذا سمى -عز وجل- نفسه الشاكر، والشكور، ووصف نفسه بذلك، كما قال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: ١٤٧]، وقال تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨]، وقال أهل الجنة: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٣٤].

وبين -عز وجل- علمه بالشاكرين، وتكفل -عز وجل- بجزائهم العظيم، وثوابهم الجزيل، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣]، وقال تعالى: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٤]، وقال تعالى: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٥].

وقال تعالى في إهلاك قوم لوط، وإنجائه وآله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} [القمر ٣٤ - ٣٥].

فجزاء الشكر في الدنيا توفيق الله تعالى للشاكرين، وحفظ النعمة عليهم، وزيادتهم منها، كما قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٧].

قال علي -رضي الله عنه- لرجل من همدان: «إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر متعلق بالمزيد، وهما مقرونان في قرن، فلن ينقطع المزيد من الله -عز وجل- حتى ينقطع الشكر من العبد» (٢).


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في «الشكر» (١٣٤)، والخرائطي في «فضيلة الشكر» (٦٦).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في «الشكر» (١٨).

<<  <   >  >>