قال ابن القيم (١): «الفتنة نوعان: فتنة الشبهات، وهي أعظم الفتن.
وفتنة الشهوات، وقد يجتمعان للعبد، وقد ينفرد بإحداهما.
فتنة الشبهات؛ من ضعف البصيرة، وقلة العلم، لا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد، وحصول الهوى، فهنالك الفتنة العظمى، والمصيبة الكبرى، فقل ما شئت في ضلال سيئ القصد، الحاكم عليه الهوى لا الهدى، مع ضعف بصيرته وقلة علمه بما بعث الله به رسوله، فهو من الذين قال الله تعالى فيهم:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ}[النجم: ٢٣].
وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق، وهي فتنة المنافقين، وفتنة أهل البدع … ولا ينجي من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول وتحكيمه في دِقِّ الدين وجُله، ظاهره وباطنه، عقائده وأعماله، حقائقه وشرائعه».
[ب- أقسام الفتن]
الفتن قسمان:
القسم الأول: فتن خاصة بالإنسان، بنفسه، أو ولده، أو أهله، أو ماله، أو أقاربه، أو جيرانه، ومنها كون الفتنة خاصة بأناس معينين؛ من عائلة، أو قبيلة، أو مجموعة من الناس، أو محلة، أو بلدة، ونحو ذلك.
القسم الثاني: الفتن العامة في الأمة والمجتمع كله، وهي المقصودة في كثير من نصوص الكتاب والسنة، وهي الأمر العظيم، والشأن الخطير، والخطب الجَلَل.
عن حذيفة -رضي الله عنه-، قال: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله، وماله، وولده، وجاره، تكفرها الصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر. فقال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابًا مغلقًا، فقال عمر: أيُكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا بل يكسر. قال عمر: إذن لا يغلق أبدًا. قلت: أجل.