فاختارت بثاقب رأيها وحكمتها وعقلها المسالمة والمهادنة، وعدم المواجهة مع سليمان وجنوده الذين لا قِبل لها بهم، ولم تغتر بقول جنودها:{نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} بل قدرت للأمر قدره، فسلمت وأسلمت.
ولما جاءت وقيل لها:{أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ}[النمل: ٤٢].
فأجابت إجابة موفقة سديدة:{قَالَتْ كَأَنَّهُ? هُوَ}[النمل: ٤٢]، فلم تقل: إنه هو؛ لبعد المسافة بين اليمن وفِلَسْطين، وكيف يأتي بهذه السرعة، ولم تقل: إنه ليس هو؛ لأن أوصافه أوصاف عرشها تمامًا.
ثم بشرهم -عز وجل- وبعث الأمل والرجاء في قلوبهم بأنه كما يحيي الأرض بعد موتها، سيحيي قلوبهم ويردهم إليه؛ لئلا يقنطوا من رحمته -عز وجل-، فقال:{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الحديد: ١٧].
٨ نهى الله -عز وجل- المؤمنين عن موالاة الكافرين، فهم أعداؤه -عز وجل- وأعداء المؤمنين، فقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}[الممتحنة: ١].