للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيما يلي ذكر أهم الأسباب المعينة على بر الوالدين، وأهم وجوه البر بهما، وبيان التفاوت بين حق الوالدين في البر، واستمرار البر بهما بعد موتهما، وثمار البر، وآثاره:

[أ- الأسباب المعينة على البر بالوالدين، والإحسان إليهما]

وهي كثيرة، من أهمها ما يأتي:

١ توفيق الله -عز وجل- الولد، واصطفاؤه إياه لهذا العمل الجليل، وإرادته به الخير.

٢ تقوى الله -عز وجل-؛ فهي سبب توفيق الله للعبد لكل عمل رشيد في دينه ودنياه.

٣ التدبر والتأمل بما جاء في الكتاب والسنة من تأكيد الأمر ببر الوالدين، والإحسان إليهما، والترغيب في ذلك.

٤ سؤال الولد ربه -عز وجل- أن يوفقه لبر والديه، ويعينه على ذلك.

٥ الصدق في طرق أبواب الخير، وفي طلب النجاة من النار، ودخول الجنة، فالبر بالوالدين من أوسع أبواب التوفيق للخير، في الدين والدنيا والآخرة، والنجاة من النار، ودخول الجنة.

٦ تذكر الولد دائمًا ما قدمه له والداه من الجميل، وما أسدياه له من الإحسان في صغره وهو أحوج ما كان إلى ذلك، وما عانته أمه من شدائد وآلام بسببه، حملًا ووحمًا، وثقلًا طيلة تسعة أشهر، ثم كربًا وولادة، ثم إرضاعًا وتربية ورعاية ونظافة، وتعبًا وسهرًا، إلى غير ذلك، مما تنوء بحمله الجبال، وما عاناه أبوه من أجل إسعاده من السعي والكد والتعب وراء لقمة عيشه، والنفقة عليه وعلى أمه، وفي تربيته وتعليمه، وتوجيهه وتأديبه، وغير ذلك؛ ليكون ولده أسعد الناس.

٧ تيقُّن الولد أن ما يقدمه من البر بوالديه لن يضيع، وسيجد ثوابه مضاعفًا عند الله تعالى، ويجد أثره عاجلًا في سعادته، وفي بر أولاده به في الحياة، قال ابن تيمية: «وفي الحديث: «بَرُّوا آباءكم تَبَرَّكُم أبناؤكم» (١).


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ١٢١). والحديث أخرجه الحاكم (٤/ ١٥٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وصححه. وقال السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٢٦٩): «وضعفه الذهبي». وأخرجه أيضًا الحاكم (٤/ ١٥٤) من حديث جابر -رضي الله عنه-. وفي سنده علي بن قتيبة الرفاعي، قال ابن عدي: «حدث عن مالك بأحاديث باطلة» ثم ذكر هذا الحديث. انظر «الكامل» لابن عدي (٥/ ٢٠٧)، و «تهذيب التهذيب» (٤/ ٢٤٥)، وقد ضعفه الألباني في «الضعيفة» (٢٠٣٩، ٢٠٤٣).
والحديث معناه صحيح؛ لأن الجزاء من جنس العمل، وكما يدين المرء يدان.

<<  <   >  >>