للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقفات خمس في: تدبر القرآن الكريم]

قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩]

الوقفة الأولى في:

وجوب تدبر القرآن الكريم، وتحريم هجره وأنواع تدبره

[أ- وجوب تدبر القرآن الكريم، وتحريم هجره]

قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩].

فبين -عز وجل- أنه سبحانه أنزل القرآن الكريم لأجل أن يتدبر الناس آياته، ويكون تذكرة لأصحاب العقول الذين ينتفعون بعقولهم، قال الطبري -رحمه الله- (١): «يعني: ليتدبر هذا القرآن من أرسلناك إليه من قومك يا محمد».

وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]، وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤].

فأنكر -عز وجل- على من لم يتدبر القرآن، وهذا يدل على وجوب تدبر القرآن.

قال القرطبي -رحمه الله- (٢): «ودل قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: ٨٢] على وجوب التدبر في القرآن؛ ليعرف معناه، وفيه دليل على الأمر بالنظر والاستنباط».

وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنون: ٦٨]؛ أي: أفلم يدبروا القرآن، وهذا أيضًا إنكار عليهم.

وشكى -صلى الله عليه وسلم- هجر قومه للقرآن، كما قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا


(١) في «جامع البيان» ٢٠/ ٧٩.
(٢) في «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٢٩٠.

<<  <   >  >>