للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما من تدبر أحكام القرآن وعمل به، ولم يتمكن من تدبر ألفاظه ومعانيه كما ينبغي، فإن ذلك لا يضيره، كما قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل: «ما تقول في الصلاة؟» قال: أتشهد، ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، أما والله ما أُحسِنُ دَنْدَنَتَكَ، ولا دندنة معاذ. فقال: «حولها نُدندِن» (١).

[ج - حكم ترك العمل بالقرآن الكريم]

ترك العمل بالقرآن الكريم لا يجوز، وهو من أعظم الهجر له، بل هو الهجر الحقيقي له، وهو كفر، ولهذا ذم الله تعالى المتولِّين عن سماع القرآن المستكبرين، وتوعَّدهم، فقال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: ٧].

وحال بينهم وبين فهم القرآن كما قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الأنعام: ٢٥]، وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: ١٦]، وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه: ١٢٤ - ١٢٧].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «القرآن حجة لك أو عليك» (٢)؛ أي: حجة لك إن عملت به، وحجة عليك إن أعرضت عنه، ولم تعمل به.


(١) أخرجه أبو داود في الصلاة (٧٩٢)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها (٩١٠)، وأحمد ٣/ ٤٧٤ (١٥٨٩٨)، وعند أبي داود وأحمد: عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-. وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (٧٥٧).
(٢) أخرجه مسلم في الطهارة (٢٢٣)، والنسائي في الزكاة (٢٤٣٧)، والترمذي في الدعوات (٣٥١٧)، وابن ماجه في الطهارة (٢٨٠)، وأحمد ٥/ ٣٤٣ (٢٢٩٠٢) من حديث أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>