للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوصية التاسعة

احرص على إتْباعِ القولِ بالعمل:

فقد أنكر الله -عز وجل- على الذين يقولون ولا يفعلون، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢، ٣].

ولنعلم أن العمل لنصرة الإسلام إنما يكون بالتمسك به قولًا وعملًا والدعوة إليه، والدفاع عنه، وليس بالحماس الأجوف الذي ابتُلي به كثير من المسلمين اليوم، وهو الاكتفاء بالتباكي على واقع الأمة دون العمل في إصلاح نفسه وأهل بيته وأقاربه وجيرانه وأهل مسجده وأهل حيه، ومن حوله، ونحوهم.

فالتباكي على واقع الأمة لا يجدي شيئًا، ولا تبرأ به الذمة أمام الله تعالى، بل هو انهزام وتخذيل للأمة يصب في مصلحة أعدائها، وما أكثرَ المتباكين، وما أقل العاملين!

ليس العمل للإصلاح بكثرة القيل والقال في المجالس العامة والخاصة، وفي المنتديات، والمواقع ووسائل التواصل ونقل الأخبار والشائعات وكثرة التحليلات، فهذا ليس فيه إلا مساعدة أهل الباطل في ترويج باطلهم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلَكُهم» (١).

ولهذا رُوي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: «إن لله عبادًا يُمِيتُونَ الباطل بهَجْرِه، ويُحيُون الحق بذِكرِه» (٢).

وليعلم الجميع أن طريق الصلاح والإصلاح والربح والفوز والفلاح قد رسمه الله -عز وجل- بقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا


(١) أخرجه مالك في الكلام (٢/ ٩٨٤)، ومسلم في البر والصلاة والآداب (٢٦٢٣)، وأبو داود في الأدب (٤٩٨٣)، وأحمد ٢/ ٢٧٢ (٧٦٨٥) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) رواه أبو نعيم في «الحلية» ١/ ٥٥.

<<  <   >  >>